رأى الوزير السابق جورج كلاس أن البعد الإنساني في زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان طغى على الجوانب الروحية والحضارية، مؤكداً أن قداسته تجنّب البعد السياسي وركّز على إبراز قيم المسيحية القائمة على السلام الإرادي والمحبة، في مقابل سلام السلاح والهدن المؤقتة التي تسقط مع تغيّر الظروف.
وأوضح كلاس أن تقييم الزيارة يمرّ عبر ثلاثية روحية وحضارية وحوارية، منسجمة مع شعار «طوبى لفاعلي السلام» الذي اعتمده البابا عنواناً لزيارته الأولى خارج الفاتيكان. واعتبر أن لبنان، بوصفه «الوطن الرسالة»، يواجه مخاطر حادّة تستوجب الانتقال من الاحتفاء بالشعارات إلى تحصين رسالته وترسيخ القيم الإنسانية التي يحملها في محيط شديد التحوّل.
وأشار إلى أن المبادرة البابوية تؤكد أن لبنان غير متروك، وأن دعم دوره الحضاري والروحي والحواري هو دعم لخصوصية الكيان اللبناني الذي تشارك الطوائف في حمايته، ويشكّل نموذجاً استثنائياً في تاريخ المجتمعات الروحية.
واعتبر كلاس أن القيمة الحضارية للزيارة تتخطى المسيحيين لتشمل كل اللبنانيين، فيما ترتكز خصوصيتها الروحية على صيغة تتكامل فيها المسؤوليات والقيم بين مختلف المراجع الدينية، بما يعزز حضارة السلام والحوار ويشجّع على اعتماد الخير العام والتواضع في إدارة الشأن العام.
أما القيمة الإنسانية، برأيه، فتجلّت في توقيت الزيارة ومفاعيلها المباشرة، ولا سيما توجيه البابا كلاماً مباشراً للشباب وتشجيعهم على مواجهة تحديات الحياة بثقة، باعتبارهم مؤتمنين على «لبنان الغد» وشهوداً للحق والحرية.
وشدّد كلاس على أن الزيارة حملت توازناً دقيقاً بين بعدها الرسمي، من خلال اللقاءات البروتوكولية مع الرؤساء، وبين بعدها المجتمعي عبر لقاءات مع رؤساء الطوائف وبرامج موجّهة للشباب. ورأى أن هذا الحضور الفاتيكاني الوازن أعطى دفعاً للبنان السياسي والمجتمعي، وأسّس لنشر أوسع لثقافة السلام في مواجهة مخاطر الانقسام والتسلّح.
ولفت إلى البعد الوجداني الذي رافق الزيارة، خصوصاً أمام دموع أهالي ضحايا مرفأ بيروت التي «استدمعت كل من شارك وشهد وصلّى»، معتبراً أن السلام الذي بشّر به البابا «موقَّع بالرجاء والدمع».
وختم كلاس مؤكداً أن الزيارة ليست مجرد حجّ إلى «وطن الرسالة»، بل عهد بأن يبقى لبنان في قلب الفاتيكان وضمير الإنسانية.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام

