
حسين زلغوط
خاص- “رأي سياسي”:

في السابع والعشرين من الشهر الماضي تقدم لبنان بطلب تجديد مهام قوات “اليونيفل” في لبنان لعام جديد بفقرات قليلة ومبسطة، من دون التطرّق إلى مسألة مهامها أو صلاحياتها، لإبقاء الوضع على ما هو عليه، وهو ما يتمناه ويعمل عليه ضمنًا. لكن وبغضّ النظر عن طلب لبنان، الذي باشر العمل لضمان التمديد مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فإن التمديد لليونيفيل يحظى باهتمام دولي واسع. إذ تسعى دول أساسية في مجلس الأمن إلى ضمان وضعية عمل للقوات تتناسب مع رؤيتها للوضع.
ووفق المعلومات فقد بدأت فرنسا منذ وقت مبكر بالعمل على ضمان التمديد، وقد تمت مناقشة الأمر بين الرئيس ايمانويل ماكرون والرئيس نواف سلام في قصر الاليزيه الاسبوع الفائت، وفهم ان باريس قدمت مسودة هذا العام نصًا مطابقًا تمامًا للصيغة التي جرى اعتمادها في تجديد 2024، بما في ذلك تأكيد الحرية الكاملة لحركة يونيفيل دون الحاجة لموافقة مسبقة من السلطات اللبنانية.
أما الولايات المتحدة، التي تُعد أكبر مساهم مالي في القوات الدولية، اتخذت موقفًا مختلفًا. واشنطن لا تطالب بإلغاء يونيفيل، بل تستخدم أدوات الضغط من بينها التهديد بوقف التمويل لإعادة صياغة صلاحيات القوة بما يقترب من الفصل السابع، ويشمل تقوية صلاحياتها الميدانية بما يسمح بالتحرك دون قيود، وتحميل لبنان مسؤوليات إضافية في ضمان حرية الحركة والتنقل لتلك القوات.
كما أكدت واشنطن في السنتين الأخيرتين ضرورة إدخال آليات جديدة مثل تقارير مفصَّلة إلى مجلس الأمن خلال 60 يومًا لتقييم أداء يونيفيل وتعزيز فعالية مهمتها ضمن الميدان.
ومن المتوقع أن يعرض مجلس الأمن، بين نهاية آب وبداية أيلول 2025، قرارًا لتجديد التفويض لعام إضافي حتى 31 آب 2026، كما ورد عن القرار 2749 الذي جرى اعتماده في 28 أب. ويُتوقع أن تؤيد فرنسا في الغالب تمرير القرار بصيغة “تجديد فني”، دون تعديل جوهري في المهام، أما الولايات المتحدة ترجّح إدخال تعديلات على التقرير وحرية الحركة ولغة قوية تدين التقييدات، بينما لبنان يعتمد على دعم فرنسا وروسيا لحماية التفويض، وهو على استعداد لطرح موقفه رسميًّا في مجلس الوزراء قبل تصويت الأمم المتحدة.
لكن رغم الحلول الفنية والاتفاقيات التي يُراد تجديدها سنويًا، يبقى التوتر بين التوجه الفرنسي المحافظ والذي يرى في التجديد استقرارًا، والموقف الأميركي الذي يرى في متن التجديد فرصة لإعادة ضبط تفويض يونيفيل، حاضرًا. لبنان يقف في المنتصف بين ضرورة دعم التواجد الدولي وبين حماية سيادته ومؤسسات الدولة. وعلى وقع الأحداث الأمنية المتكررة في الجنوب، تصبح إعادة تشكيل أو التأكيد على صلاحيات يونيفيل قضية محورية للسلام الدائم أو تصعيد محتمل ما بعد 31 آب.
وما علينا إلا ترقب التصويت الرسمي في نهاية آب – بداية أيلول 2025، حيث ستتبلور الخريطة النهائية بتوازن طفيف بين دعم التجديد الكامل لصالح فرنسا، وضغوطات أميركية لإعادة صياغة نص القرار لصالح عملية أكثر فعاليّة.