حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بقيمة نحو 22.5 مليار دولار (84.33 مليار ريال) خلال الربع الثاني من عام 2025، مسجلة تراجعاً بنسبة 21 في المائة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغت حينها 29.3 مليار دولار (106.9 مليار ريال).
ويعزى هذا الانخفاض إلى تراجع أرباح شركة «أرامكو السعودية» الأكبر وزناً في مؤشر السوق السعودية، والتي انخفضت بنسبة 22 في المائة خلال الربع الثاني. كما تأثرت شركات أخرى في القطاع بتحديات متعددة، منها انخفاض الإيرادات، وتراجع أسعار النقل العالمية في القطاع البحري، إضافة إلى ارتفاع مصروفات الاستهلاك والفوائد.
ويضم قطاع الطاقة 7 شركات رئيسية، هي: «أرامكو السعودية»، و«البحري»، و«أديس»، و«الدريس»، و«الحفر العربية»، و«المصافي»، و«بترورابغ». وقد أظهرت نتائجها المالية تبايناً في الأداء. ففي حين تراجعت أرباح أربع شركات، واصلت شركتان تسجيل الخسائر، بينما كانت شركة واحدة فقط هي الاستثناء الذي حقق نمواً إيجابياً.
وحققت شركة «أرامكو السعودية» أعلى نسبة أرباح بين شركات القطاع، حيث بلغت أرباحها 22.67 مليار دولار (85.022 مليار ريال) في الربع الثاني من 2025، رغم تراجعها بنسبة 22 في المائة مقارنة بالربع المماثل من العام السابق. وأرجعت الشركة هذا التراجع إلى انخفاض الإيرادات والمبيعات، رغم أن ذلك قابله جزئياً انخفاض في التكاليف التشغيلية والضرائب.
وحلت شركة «البحري» في المرتبة الثانية بأرباح بلغت 108.5 مليون دولار (407.4 مليون ريال) خلال الربع الثاني من العام، لكنها شهدت أكبر تراجع في الأرباح بين الشركات الرابحة، بنسبة وصلت إلى 44.4 في المائة، وعزت الشركة الانخفاض إلى تراجع أسعار النقل العالمية، خاصة في قطاعي الكيماويات والخدمات اللوجيستية.
واحتلت شركة «أديس» المرتبة الثالثة بأرباح 51.75 مليون دولار (191.68 مليون ريال)، بتراجع طفيف بلغ 5 في المائة مقارنة بالربع المماثل من العام السابق. وأوضحت الشركة أن السبب يعود إلى ارتفاع مصروفات الإهلاك والفوائد نتيجة توسع أسطولها.
بينما جاءت شركة «الدريس»، وحيدةً في تسجيل نمو في صافي الأرباح بين شركات القطاع خلال الربع الثاني، حيث حققت نمواً في أرباحها بنسبة 21 في المائة، ليصل إجمالي أرباحها إلى 26.5 مليون دولار (99.7 مليون ريال). ويعود هذا النمو إلى زيادة المبيعات في قطاعي النقل والنفط، إضافة إلى ارتفاع إيرادات الودائع المصرفية والاستثمار في الصكوك.
القطاع قوي رغم التحديات
وفي تعليق على هذه النتائج، أكد الخبراء أن قطاع الطاقة السعودي لا يزال يشكل دعامة أساسية للسوق. ويرى الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد»، محمد حمدي عمر، خلال تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أن القطاع يظل إحدى الدعائم الأساسية للسوق السعودية، ولا يزال الأقوى والأكثر قدرة على تحقيق الأرباح رغم تراجعها.
وأرجع انخفاض أرباح القطاع لتراجع أرباح «أرامكو» نتيجة تقلبات أسعار النفط العالمية وتباطؤ الطلب، بالإضافة إلى بعض المصاعب التشغيلية التي واجهت بعض شركات القطاع مثل «بترورابغ» و«البحري» وارتفاع التكاليف لدى «أديس القابضة»، في المقابل، أظهرت شركات مثل «الدريس» مرونة ونمواً في الأرباح مستفيدة من توسع أنشطة النقل والبترول.
وتوقع عمر أن تظل شركة «أرامكو» في قيادة أرباح القطاع، ومواصلة قدرتها على تحقيق صافي أرباح قوي رغم التقلبات، بفضل متانتها المالية وكفاءة التشغيل، لافتاً إلى أن مستقبل القطاع سيتأثر بعدة عوامل منها استمرار التذبذب في أسعار النفط، مضيفاً أن تطورات القطاع ستلعب دوراً مهماً في تعويض جزء من تراجعات خام النفط، وجهود الشركات في تحول قطاع الطاقة والاستدامة، وإعادة توزيع الاستثمارات وتنويع مصادر الإيرادات الصناعية والنقل والطاقة المتجددة، كما توقع تحسناً نسبياً لأداء بعض الشركات مع استكمال عمليات الصيانة وعودة إنتاجها، بينما سيبقى الضغط الأكبر على الشركات الأقل كفاءة تشغيلية أو المعتمدة كلياً على نشاط واحد أو سوق محدودة، لافتاً إلى أهمية النشاط الاستثماري الحكومي في مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين، وما قد يوفره من فرص نمو جديدة على المدى المتوسط لشركات قطاع الطاقة.
من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن قطاع الطاقة لا يزال يتمتع بأداء قوي وربحية عالية وجيدة في السوق المالية السعودية، رغم التحديات التي تواجه شركات الطاقة في معظم الأسواق المالية، بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً وانخفاض كميات الإنتاج والطلب على النفط، إلا أن شركات القطاع السعودية لا تزال قادرة على تسجيل أرباح، رغم تراجع الأرباح بشكل طفيف في معظم شركات القطاع.
وأضاف أن شركات القطاع واجهت خلال الربع الماضي زيادة في النفقات التشغيلية والرأسمالية، وتغيرات في الطلب المحلي والعالمي على المنتجات المكررة.
وأشار إلى أن التوقعات تشير إلى استمرار شركات القطاع، وعلى رأسها عملاق الطاقة «أرامكو»، في تحقيق نتائج أداء قوية وإيجابية في الأرباع القادمة، بفضل التهدئة التي قد نشهدها في معظم القضايا الجيوسياسة، والتي أثرت على النمو الاقتصادي العالمي خلال السنوات الأخيرة، مما سيحفز عددا من الاقتصادات العالمية للعودة إلى مسار النمو وزيادة المشاريع التنموية وتوسع أعمال وخدمات الشركات، وتسجيل نسب نمو اقتصادية وعودة الزخم للنشاط الاقتصادي العالمي.