باستثناء القيادي العقائدي محمد مفتاح المكلّف برئاسة الحكومة الحوثية غير المعترف بها، غاب قادة الجماعة ووزراؤها عن تشييع 31 من منتسبي دائرة الإعلام الحربي بصنعاء، والذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مبنى الدائرة الواقع في قلب العاصمة اليمنية المختطفة.
فبعد خمسة أيام من الضربات الإسرائيلية التي سوّت المجمع العسكري الضخم بالأرض، وأصابت منازل مجاورة، وقتلت 15 مدنياً، أقيمت مراسم تشييع لضحايا الدائرة العسكرية.
وكان لافتاً غياب جميع القادة الحوثيين، بمن فيهم وزيرا الدفاع والداخلية، ورئيس هيئة الأركان، وهو ما أثار الكثير من التساؤلات عن مصير هؤلاء الأشخاص، وبقية أفراد الطاقم الوزاري الذين لم يُعلن عن مقتلهم في الغارات الإسرائيلية التي استهدفت في نهاية أغسطس (آب) الماضي اجتماعاً سرياً للحكومة، ونتج عنها مقتل رئيسها أحمد الرهوي، وتسعة وزراء.
ومنذ إقرار الحوثيين بمقتل رئيس حكومتهم و11 آخرين، انقطعت أخبار وزير الداخلية عبد الكريم الحوثي (عمّ زعيم الجماعة)، ووزير الدفاع محمد العاطفي، ورئيس الأركان محمد الغماري.
وجاء غيابهم عن تشييع 31 من منتسبي الإعلام الحربي ليعزز فرضية تعرضهم لإصابات بليغة مع بقية الطاقم الوزاري عند استهداف المقاتلات الإسرائيلية لذلك الاجتماع الذي كان منعقداً في أحد المنازل جنوب صنعاء.
ترجيح الإصابة
مع استمرار وزارة داخلية الحوثيين في توزيع رسائل تحذيرية للسكان من التقاط صور، أو بث مقاطع للمواقع المستهدفة بالغارات الإسرائيلية، رجحت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» فرضية إصابة وزيري الداخلية والدفاع، ورئيس الأركان، ووزير النقل، وبقية طاقم الحكومة الحوثية غير المعترف بها.
وقالت المصادر إن ما يعزز من هذه الفرضية هو مقايضة الحوثيين إطلاق سراح نائبة ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بنقل 20 من قادتهم إلى الخارج لتلقي العلاج في الطائرة نفسها التي أقلتها، وذلك بعد أيام من رفض الأمم المتحدة استخدام طائراتها لإسعاف عدد من قادة ووزراء الحوثيين الذين أصيبوا بالضربات الإسرائيلية.
ومنذ إقرار الحوثيين بمصرع رئيس حكومتهم، وتسعة من الطاقم الوزاري، وثلاثة من مساعديهم، تواصل الجماعة التكتم على الحالة الصحية لبقية الطاقم الوزاري، ورئيس الأركان، وآخرين قيل إنهم كانوا موجودين في الاجتماع المستهدف.
ولم يظهر أيّ منهم في المناسبات، أو عبر وسائل إعلام الجماعة، باستثناء تصريحات، أو برقيات منسوبة إلى وزيري الداخلية والدفاع، أو لرئيس هيئة الأركان.
الأمر ذاته ينطبق على عبد الخالق الحوثي، شقيق زعيم الجماعة، وأحد المتورطين في اقتحام صنعاء، والمعيَّن قائداً للمنطقة العسكرية السابعة، حيث لم يظهر منذ أن رجحت مصادر قبلية مقتله في إحدى الغارات الأميركية التي استهدفت قبل أشهر موقعاً عسكرياً سرياً في مديرية خولان بمحافظة صنعاء.
وتستند هذه الترجيحات إلى ممارسات سابقة للحوثيين حين أخفوا مصرع الأب الروحي للجماعة بدر الدين الحوثي، وكذلك قائد قواتهم في عدن.
تهديد السكان
أفاد سكان في صنعاء بأن وزارة داخلية الحوثيين واصلت توزيع رسائل نصية عبر شبكات الهاتف الجوال، حذّرت فيها من عقوبات قاسية في حال قام المواطنون بتصوير المواقع التي استهدفتها الغارات الإسرائيلية، أو بث مقاطع لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وجاء في رسالة اطلعت عليها «الشرق الأوسط»: «في ظل العدوان الإسرائيلي على بلادنا ستتخذ وزارة الداخلية إجراءات بحق من يقدم خدمة للعدو، ومن ذلك تصوير أماكن القصف».
وفي رسالة أخرى قالت الوزارة التي يديرها حالياً علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة: «أخي المواطن، تنفيذك لرغبة اليهود اشتراك معهم في جرائمهم، وهم يرغبون بالحصول على مشاهد لأماكن القصف، فلا تكن متخابراً معهم بحسن نية».
إلى ذلك، نفّذ الحوثيون حملة اعتقالات عقب استهداف حكومتهم، طالت العشرات من العاملين لدى الأمم المتحدة، وفي دوائر حكومية، بينها مقر رئاسة الحكومة، تحت مبرر البحث عن «جواسيس» سرّبوا لإسرائيل خبر اجتماع الحكومة، ومكان انعقاده السري، ما سهّل استهدافه.
وطالت الحملة 20 من موظفي الأمم المتحدة، كما تم اقتحام مكتبي برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة اليونيسف، ومصادرة حواسيب وهواتف العاملين، بينما لم يُخلَ المبنيان حتى الآن.