
حسين زلغوط – خاص: “رأي سياسي”:

أثار تصريح رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون حول قيام بعض السياسيين اللبنانيين بـ”بَخّ” السمّ في أميركا على بعضهم موجةً واسعة من النقاش، ليس فقط لأنه خرج من رأس الدولة في ظرف شديد الحساسية، بل لأنه يضيء على جانب مظلم من الممارسة السياسية اللبنانية التي غالباً ما تبقى خلف الجدران المغلقة. بحديثه المباشر، فتح الرئيس نافذةً على واقع لطالما نُسب إلى الكواليس، صراعات الداخل التي تُهرَّب إلى الخارج بحثاً عن دعم أو غطاء أو تفوّق سياسي.
ليس جديداً أن يقصد بعض السياسيين العواصم المؤثرة بحثاً عن فرصة أو دور. غير أنّ اللافت في كلام الرئيس عون هو الإشارة إلى نيةٍ متعمّدة في “التسميم”، أي نقل صورة مشوّهة عن الخصوم السياسيين بهدف التأثير على موازين القوى الداخلية عبر الخارج. هذا التعريف يضع المسألة خارج إطار التواصل السياسي المشروع، وداخل دائرة “الوشاية السياسية” التي تضرب الثقة الوطنية في عمقها.
لم يكن كلام رئيس الجمهورية مفاجئاً في جوهره، حول من “يَبُخّ السم” في الخارج ضد وطنه، لكن شجاعة الرئيس عون تكمن في أنه عرّى هؤلاء أمام الرأي العام اللبناني، وبالتالي الدولي.
علماً أن العواصم الدولية، الغربية والعربية، تعرف جيداً أن هؤلاء المحرّضين يسعون لتحقيق مصالحهم الخاصة، ولا يأبهون لمصالح بلدهم. هم الذين تقلّبوا بين المحاور وعواصم النفوذ ليمارسوا ذات الوظيفة السيئة.
تلك العواصم هي التي تُطلع الرئيس عون على ما يقوله هؤلاء، مما يدل على أمرين: عدم احترامها لهم، وتقديرها لرئيس الجمهورية اللبنانية، الذي يسعى إلى حفظ مصلحة بلده بكل طروحاته الجدية.
لم يكن الرئيس عون ينحاز إلى فريق سياسي داخلي على حساب آخر، بل مضى في قناعة وطنية قائمة على أساس أنه رئيس كل لبنان. وهو ما ترجمه في معالجته الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ودعوته إلى اعتماد التفاوض لوقف الحرب بين لبنان وإسرائيل.
واللافت أن هناك من قرر التهجّم على رئيس الجمهورية عندما قام بتعرية الأفاعي التي تبخ السموم، بينما يعلم اللبنانيون أن سلوك الرئيس عون وطني، لا يعكّر عليه هجوم ولا اعتراض.

