لافروف: موسكو تحافظ على علاقات غير انتهازية بدمشق
أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن موسكو تحافظ على علاقات صداقة غير انتهازية بدمشق؛ ولذلك استأنفت الاتصالات بالرئيس السوري أحمد الشرع، مشدداً على أن حضور الشرع القمة الروسية – العربية منتصف الشهر الحالي «سيمثل أهمية خاصة».
وقال لافروف، في مقابلة ضمن برنامج «نيوز ميكر» في قناة «روسيا اليوم» بالنسخة الإنجليزية بُثّت الخميس: «تتواصل المواجهات بين السلطة المركزية (السورية) وعدد من المناطق في البلاد، ونحن نحافظ على علاقات صداقة غير انتهازية؛ لذلك استأنفنا الاتصالات على الفور، واتصل الرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين برئيس السلطة السورية أحمد الشرع».
وأضاف: «بعد اندلاع الربيع العربي، جئنا إلى سوريا لمساعدة السلطات السورية، وساهمنا بشكل كبير في استقرار الأوضاع هناك». وتابع: «توصلنا في السابق إلى قرار دولي بمشاركة الأميركيين وبعض دول المنطقة» في إعادة الاستقرار، مشدداً على أنه «لو جرى تنفيذ القرار، لما كنا وصلنا إلى هذا الوضع في سوريا».
ومن تصريحاته الأخرى في اللقاء، قال المسؤول الروسي، إن الرئيس فلاديمير بوتين، أكد مرات عدة أنه «لن نبقى في سوريا إذا رفضت القيادة السورية ذلك، ولكن يبدو أنها، إلى جانب عدد من دول المنطقة، مهتمة باستمرار وجودنا هناك».
ولفت لافروف إلى ضرورة إعادة صياغة مهام وجود القواعد العسكرية الروسية في سوريا، «من بينها مهام واضحة يبدو أنها مفيدة للسوريين وجيرانهم ولكثير من البلدان الأخرى، تكمن في إنشاء مركز للمساعدات الإنسانية في المرفأ والمطار؛ لنقل الشحنات الإنسانية من روسيا ودول الخليج إلى الدول الأفريقية».
وذكّر بمساهمة الروس منذ أيام الاتحاد السوفياتي في إعداد الكوادر السورية والقدرة الدفاعية، ونوه بإمكانية استكمال المشروعات التي اتُّفق عليها في السابق مع تعديلها وفقاً للوضع الجديد.
وعبر عن اهتمام بلاده باستمرار جميع المبادرات؛ «حتى تلك التي بدأت في الحقبة السوفياتية، مع ضرورة التعديل بما يتفق والوضع الجديد».
وقال في المقابلة: «يجب على جميع الدول التي تملك تأثيراً على الوضع، سواء أكان على دمشق أم على مختلف المجموعات العرقية – الطائفية والسياسية في آخر أجزاء البلاد، أن تدرك أن وحدة سوريا مصلحة لها… هناك الأكراد الذين نالوا دعم (الرئيس الأميركي) جو بايدن بطرق متنوعة، وزملاؤنا الأتراك موجودون في الشمال، وهناك العلويون والمسيحيون، لهذا يجب أن تكون وحدة سوريا محل اهتمام جميع الدول الصديقة لسوريا».
وحذر لافروف من مخاطر انفصالية جسيمة للغاية، لا سيما من جانب الأكراد. وقال: «إذا أدت محاولات الأكراد السوريين في الحكم الذاتي والانفصال إلى نتائج ملموسة، فقد تتفجر مشكلة الأكراد في جميع دول المنطقة الأخرى، وهذا يشكل مخاطر جسيمة».
وزار وفد سوري رفيع موسكو نهاية يوليو (تموز) الماضي، برئاسة وزير الخارجية، أسعد الشيباني، وصرح في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، بأن بلاده تريد «فتح علاقة صحيحة وسليمة بين البلدين، قائمة على التعاون والاحترام المتبادل».
من جهته، قال لافروف: «بالطبع، نأمل أن يتمكن الرئيس الشرع من المشاركة في القمة الروسية – العربية الأولى، المقرر عقدها في 15 أكتوبر» الحالي. وأعلن الطرفان رغبتهما في مراجعة الاتفاقيات التي أُبرمت في عهد نظام بشار الأسد، وسط حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل قاعدتين عسكريتين روسيتين على الأراضي السورية.
كما حملت زيارة الوفد الحكومي الروسي، برئاسة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نافاك، إلى دمشق، في سبتمبر (أيلول) الماضي، تطوراً مهماً على صعيد ترتيب أولويات الطرفين على مسار إحياء العلاقة الروسية – السورية، ودفع آليات التعاون في مجالات مختلفة.
وحملت تسريباتٌ، نقلتها مصادر سورية مطلعة على أجواء المناقشات، معطياتٍ عن تركيز الجانب السوري على بنود عدة شكلت أولوية لدمشق، بينها استئناف تزويد سوريا بالسلاح الروسي، وتنظيم إدارة مشتركة لقاعدتي «حميميم» و«طرطوس» بما يشمل توسيع نطاق تسيير دوريات روسية في مناطق عدة، وتسوية ملف الديون، وتطوير العلاقات الاقتصادية، بالإضافة إلى بحث ملف مصير بشار الأسد وكبار مسؤولي النظام السابق الموجودين في روسيا، وإطلاق جهد مشترك لضمان عدم الصدام مع إسرائيل وتطوير التنسيق مع تركيا.
وأطلقت دمشق رسمياً ملاحقتها القضائية للرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، اللاجئ في روسيا منذ سقوط نظام حكمه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.
وأصدر «قاضي التحقيق السابع» في دمشق، توفيق العلي، في 27 سبتمبر الماضي، مذكرة توقيف غيابية بحق الأسد، تتعلق بأحداث وقعت في درعا عام 2011. ويتيح القرار القضائي تعميم المذكرة عبر «الإنتربول» ومتابعة القضية على المستوى الدولي.