منذ تأسيسها في عام 2020، لم تكن “فلسطين أكشن” مجرد حركة احتجاجية تقليدية في بريطانيا، بل تحولت إلى ظاهرة نشطة تعتمد على العمل المباشر ضد شركات الأسلحة المرتبطة بإسرائيل.
ومع تصاعد عمليات الاقتحام والاعتصام التي نفذها ناشطو الحركة، أعلنت الحكومة البريطانية مطلع يوليو الجاري تصنيفها رسمياً كـ”منظمة إرهابية”، بعد تمرير القانون في البرلمان، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول حدود حرية التعبير والعمل السياسي في بريطانيا.
وبموجب القانون البريطاني، يمكن لوزارة الداخلية حظر الحركة ما إذا كان يُعتقد أنها ترتكب أو تشجع أو “ضالعة في الإرهاب”. ومن شأن الحظر أن يضع المجموعة في تصنيف مماثل لحركة “حماس” أو “القاعدة” أو تنظيم “داعش”.
وتتهم حركة “فلسطين أكشن” الحكومة البريطانية بأنها “شريك فعال” في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بسبب الدعم العسكري الذي تقدمه لتل أبيب.
5 أعوام من التأسيس
تقول “فلسطين أكشن” على موقعها الالكتروني، إنها “حركة عمل مباشر تهدف إلى إنهاء المشاركة العالمية في نظام الإبادة الجماعية والفصل العنصري الإسرائيلي”.
ويُستخدم مصطلح “العمل المباشر” لوصف تكتيكات متنوعة تتراوح بين الاحتجاج السلمي القانوني، إلى تعطيل حركة المرور، وإلحاق أضرار بالممتلكات، مثلما قام نشطاء حقوق الحيوان بتحطيم معدات المختبرات المستخدمة في تجارب على الحيوانات، أو الحواجز التي نفذها الناشطون الداعمون للبيئة.
وتأسست المجموعة في عام 2020 على يد الناشطين البريطانيين ريتشار برنارد وهدى عموري، وبرزت كحركة ميدانية هدفها “تعطيل البنية التحتية لصناعة الأسلحة في بريطانيا المرتبطة بإمداد الجيش الإسرائيلي”.
ودأبت “فلسطين أكشن”، التي تصف نفسها بأنها حركة ضغط مباشر، على استهداف مواقع بريطانية ذات صلة بشركة الصناعات الدفاعية الإسرائيلية مثل Elbit Systems UK، وغيرها من الشركات في بريطانيا المرتبطة بإسرائيل.
وفي عام 2022 سُجن خمسة نشطاء بعد احتجاج في مصنع لمعدات الأسلحة في جلاسكو، والذي تسبب في أضرار تقدر بأكثر من مليون جنيه إسترليني بسبب الألعاب النارية التي أُلقيت داخل المبنى.
ومع مرور الوقت، اتسعت عمليات الحركة لتشمل اقتحام مقرات شركات عسكرية متعددة، من بينها Thales وLeonardo وLockheed Martin، بالإضافة إلى مواقع عسكرية، خصوصاً بعد بدء الحرب الإسرائيلية في غزة عام 2023.
واعتمدت المجموعة أساليب احتجاجية غير تقليدية، أبرزها رش مبانٍ بالطلاء الأحمر (رمزاً للدماء)، التحصن فوق الأسطح، وتخريب معدات في مصانع تعتبرها الحركة “شريكة في قتل المدنيين الفلسطينيين”.
اقتحام قواعد عسكرية
اقتحم نشطاء من “فلسطين أكشن” قاعدة “بريز نورتون” الجوية الملكية وهي أكبر قاعدة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، في يونيو الماضي، وقاموا بتشويه طائرات عسكرية بالطلاء الأحمر، ما أثار جدلاً واسعاً حول اختراقهم لموقع عالي الحساسية الأمنية، وفقاً لصحيفة “جارديان” البريطانية.
وأدى ذلك إلى أضرار تقدر بـ7 ملايين جنيه إسترليني، ووجهت تهم لـ4 أشخاص بتخريب الممتلكات، ودخول منطقة محظورة.
وردت الحكومة والبرلمان البريطاني في يوليو الجاري، على هذه التحركات بتصنيف “فلسطين أكشن” رسمياً كـ”جماعة إرهابية”.
وبموجب القرار، بات يُجرم الانضمام للمجموعة، أو دعمها، أو ارتداء رموزها، مع فرض عقوبات تصل إلى 14 عاماً سجناً، بحسب صحيفة “ذا تايمز”.
وحذر القرار الجديد من رفع شعارات تأييد أو التظاهر دعماً للمجموعة، وقد أدى ذلك إلى اعتقال العشرات في احتجاجات في لندن ومانشستر وكارديف ونواحي أخرى.
وتشمل الاعتقالات مرافقين للمجموعة من متعاطفين، وقد أُوقفوا لمجرد حملهم ليافطات كتب عليها “أدعم فلسطين أكشن”.
ولم تكتف المجموعة بهذا الرد، بل تقدمت باستئناف أمام المحكمة العليا لوقف الحظر، متمسكة بأن نشاطها السلمي في أغلبه، رغم “التخريب الرمزي”، لا يرتقي لتصنيف “إرهابي”.
وأثار قرار الحظر ردود فعل متباينة داخل وخارج بريطانيا. كما دفع بردود فعل قوية من منظمات حقوقية مثل “هيومن رايتس ووتش” والأمم المتحدة، التي اعتبرت تصنيف نشاط “تخريبي رمزي” كـ”إرهاب” خطوة بأبعاد “قمع حرية التعبير”.
وذكرت صحيفة “جارديان” في تحقيق معمق، أن القرار يمثل سابقة خطيرة في التعامل مع الحركات الاحتجاجية.
وانتقد العديد من نشطاء حقوق الإنسان الخطوة باعتبارها تضييقاً سياسياً أكثر منها خطوة أمنية، لافتين إلى أن نشاط “فلسطين أكشن” لم يتضمن تهديدات مباشرة لحياة الأفراد، بل ركز على استهداف الرموز والبنية التحتية للشركات الدفاعية.