برنامج حافل ينتظر نيكولا فوريسيه، الوزير الفرنسي المفوض للتجارة الخارجية، في زيارة الأيام الثلاثة التي يقوم بها إلى المملكة السعودية من 21 إلى 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري التي تأتي في ظل رغبة باريس في توثيق علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الرياض. الوزير الفرنسي -وفق البرنامج الذي وزّعته «الخارجية الفرنسية»- سيلتقي، يومي السبت والأحد، وزير النقل والخدمات اللوجيستية، ووزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية.
كما سيشارك في منتدى رجال الأعمال السعودي-الفرنسي، ويعقد لقاء مع المستشارين الاقتصاديين الفرنسيين في الرياض، بالإضافة إلى اجتماع مع المدير العام لهيئة «معرض الرياض 2030»، واجتماع مع رجال الأعمال السعوديين، ولقاء مع المدير العام لشركة المملكة القابضة، وآخر مع رئيس منتدى الأعمال من الجانب السعودي.
وفي بادرة ذات معنى، يزور الوزير فوريسيه مشروع «القدية» السياحي والترفيهي، ومحطة «مترو الملك فهد»، ومقر التحكم والرقابة. وخلال «منتدى رجال الأعمال»، سيتم التوقيع على مجموعة من العقود بين الطرفَيْن السعودي والفرنسي.
وفي بيان صادر عن «الخارجية الفرنسية»، جاء فيه أن زيارة الوزير فوريسيه «تندرج في سياق الرغبة في تعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية ودعم الشركات الفرنسية المشاركة في المشاريع الكبرى لتحول المملكة ضمن (رؤية 2030)، وهي ستتيح إبراز التميز الفرنسي في القطاعات الرئيسية مثل البنى التحتية، والنقل، والطاقة، والصناعة، والخدمات…».
وبينما ترى باريس أن الزيارة «تشكّل مرحلة جديدة في تعزيز الحضور الفرنسي في المملكة العربية السعودية ودعم جهودها في تنويع اقتصادها»، أفادت بأن الاجتماعات التي سيعقدها فوريسيه مع أعضاء في الحكومة السعودية سوف تكرس «لمناقشة المشاريع المشتركة قيد التحضير» في المجالات الرئيسية المشار إليها.
كذلك تعدّ باريس «منتدى رجال الأعمال» الذي يلتئم في الرياض، والذي سيشارك الوزير فوريسيه في افتتاحه، من شأنه «إبراز الخبرة والعرض الفرنسيين في مجال الفعاليات الكبرى (المنتظرة) لا سيما (معرض إكسبو 2030) و(كأس العالم 2034)».
وأشارت مصادر دبلوماسية فرنسية إلى أن زيارة الوزير فوريسيه هي الأولى من نوعها للمملكة السعودية منذ تسلمه حقيبته الوزارية، وأنها ذات أبعاد سياسية واقتصادية واستراتيجية، وأن غايتها تعزيز العلاقات الثنائية والحضور الفرنسي في المشاريع السعودية الكبرى وتمكين فرنسا من أن تكون «شريكاً رئيسياً» في الأحداث الدولية الكبرى التي ستستضيفها الرياض في السنوات المقبلة.
تنظر باريس إلى زيارة وزيرها للرياض على أنها امتداد للزخم الذي ولدته زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى السعودية عام 2024، التي شهدت إعلان نحو 10 مليارات يورو من العقود والالتزامات التجارية، إلى جانب توقيع معاهدة لإنشاء مجلس شراكة لتنظيم التعاون الفرنسي-السعودي على المدى الطويل.
وحسب المصادر الدبلوماسية، فإن الزيارة تأتي في لحظة مفصلية، إذ تمضي المملكة في تنفيذ تحوّل اقتصادي غير مسبوق ضمن «رؤية 2030»، يشمل قطاعات الطاقة والنقل والبنية التحتية والسياحة والتقنية والترفيه والمدن الذكية. وتريد باريس أن تبرز شركاتها الفاعلة في هذه القطاعات الرئيسية على أنها بالفعل «لاعب رئيسي»، ومن أدلتها على ذلك أن شركة «ألستوم» شيّدت ستة خطوط من «مترو الرياض»، وتستعد للمنافسة على السابع، في حين تشارك هيئة إدارة شبكة المترو في باريس (RATP) في تشغيل الشبكة، فيما تعمل شركة «بويغ» للإنشاءات على تنفيذ مشروع «القديّة». كما تُسهم شركة «أكور» الفاعلة في القطاع السياحي في تطوير منطقة العلا. وتثمّن باريس، وفق مصادرها، تمتع شركاتها بثقة كبيرة لدى الرياض والتعويل عليها لإنجاح الاستحقاقات الكبرى المقبلة.
وتبيّن الأرقام الرسمية أن حجم المبادلات التجارية بين المملكة العربية السعودية وفرنسا بلغ العام الماضي 7.6 مليار يورو، فيما تحتل فرنسا المرتبة الثالثة من بين كبار المستثمرين مع استثمارات مباشرة في الاقتصاد السعودي وصلت إلى 17.4 مليار دولار في 2023.

