تفاجأت السلطات اللبنانية بقرار الوفد القضائي الأمني السوري، إلغاء زيارته إلى بيروت، التي كانت مقررة الخميس للبحث في ملفّ السجناء السوريين القابعين في السجون اللبنانية، ووضع آلية تسمح باستعادتهم أو القسم الأكبر منهم إلى بلادهم.
وأعلن مصدر مطلع في وزارة العدل اللبنانية أن الوزارة «تبلّغت رسمياً ظهر الأربعاء بإلغاء الزيارة التي كانت مقررة الخميس من دون ذكر الأسباب».
فيما كشف مصدر في وزارة الخارجية اللبنانية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن «الزيارة لم تلغ نهائياً، ويرجّح تأجيلها إلى الأسبوع المقبل».
وأوضح أن «زيارة الوفد السوري ستسمح بجدولة برنامج لقاءات موسعة من مسؤولين في الدولة اللبنانية، وقد تمهّد للقاءات سياسية بين مسؤولي البلدين لبحث كلّ الملفات العالقة، وأهمها ملفات السجناء، وضبط الحدود، وعودة النازحين السوريين، وكشف مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا».
وتضاربت المعلومات حول أسباب إلغاء أو تأجيل الزيارة، لكنّ الثابت فيها أنها ناتجة عن استياء الجانب السوري حيال ما أسماه «البرودة» اللبنانية في حلّ أزمة السجناء التي يوليها السوريون اهتمامات قصوى، خصوصاً أن الوفد طلب مواعيد مع وزراء لبنانيين مؤثرين في ملفّ السجناء، إلّا أنهم لم يستحصلوا على مواعيد.
وأوضح المصدر المطلع في وزارة العدل أن الوزير عادل نصّار «لم يحدد موعداً لاستقبال الوفد السوري، إنما كلّف قاضيين معنيين بملف السجون للاجتماع معهم، والاطلاع على المطالب السورية، وتقديم رؤية الدولة اللبنانية بشأنها».
ورجّح المصدر أن يكون السبب المباشر لإلغاء الزيارة «رفض لبنان بالمطلق توقيع اتفاقية مع الجانب السوري تلحظ تسليم المحكومين أو الموقوفين السوريين الذين ثبت تورطهم بخطف وقتل جنود الجيش اللبناني وعناصر الأمن اللبناني، سواء خلال معارك عرسال أو بعدها، ولا حتى الذين حُكم عليهم أو يحاكمون بارتكاب جرائم جنائية على الأراضي اللبنانية، منها القتال ضدّ الجيش اللبناني».
ويتطلّع الجانب السوري إلى إبرام معاهدة جديدة مع لبنان، ترعى مسألة تسليم المحكومين والموقوفين شرط أن يقضوا باقي مدة عقوبتهم في بلادهم أو تستكمل محاكمة من لم تصدر أحكام بحقهم، ورأى مصدر قضائي لبناني أن «أي اتفاقية جديدة بين البلدين ستخضع لمعايير قانونية تراعي مبدأ السيادة الوطنية».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حال توقيع اتفاقية جديدة مع سوريا، فهذا لا يعني أنها تتيح الإفراج عن جميع لسجناء السوريين».
وقال: «قد يستفيد من هذا الاتفاق وعملية التسليم الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام مبرمة، سواء في جرائم جنائية أو جنحية، حتى من اتهموا بجرائم إرهاب، شرط ألّا يكون هؤلاء ارتكبوا جرائمهم على الأراضي اللبنانية، سيما عمليات التفجير وجرائم القتل، خصوصاً التي استهدفت عسكريين في الجيش اللبناني والقوى الأمنية».
وكانت لجنة قضائية – أمنية لبنانية أنجزت ملفات عائدة لمئات السوريين الذي تتوافر فيهم شروط التسليم، وكادت المهمة تنفّذ في عهد الحكومة اللبنانية السابقة، إلّا أن اللجنة اصطدمت بعقبة قانونية، وهي استحالة حصول التسليم إلّا بموجب معاهدة جديدة تلحظ تسليم المحكومين والمطلوبين، وأنها تحتاج إلى تصديقها بقانون يصدر عن البرلمان اللبناني».
اعتصام أمام سجن روميه
بالتزامن مع هذا التطور، نفّذ العشرات من أهالي الموقوفين الإسلاميين، بينهم سوريون، اعتصاماً أمام سجن روميه المركزي؛ لتجديد مطالبتهم بتحسن أوضاع السجناء، وتأكيد مطلبهم السابق بقانون العفو العام، كما أشادت «المبادرة اللبنانية للعفو العام» بالأنباء المتداولة عن نية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، البدء بـ«إعداد مسودة قانون استثنائي لحل معضلة السجون، وذلك بالتنسيق مع رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري».
ورحّبت المبادرة بـ«توافر النيات لدى صناع القرار في لبنان للمضي قدماً في هذه الخطوة الوطنية الشجاعة التي إن تمت فستكون من اللفتات الإنسانية المضيئة في مسيرة الرؤساء الثلاثة».
واعتبرت المبادرة أن «طلب الحكومة السورية باسترداد مواطنيها الموقوفين في لبنان يشكّل بوابة أمل لإدراك أوضاع السجون المأساوية، وتصحيح مسار العدالة لبقية السجناء أيضاً، حيث يشتركون جميعاً في ذات الظروف والمعاناة».