قالت «منظمة الأمم المتحدة للطفولة» (يونيسف)، الثلاثاء، إن خفض التمويل يدفع جيلاً كاملاً من الأطفال في السودان «إلى حافة ضرر لا يمكن تداركه مع تقليص الدعم واستمرار حالات سوء التغذية في أنحاء البلاد».
وتواجه «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى واحدة من أسوأ أزمات التمويل منذ عقود، والتي تفاقمت بسبب قرارات الولايات المتحدة ودول مانحة أخرى خفض تمويل المساعدات الخارجية، على ما أفادت وكالة «رويترز» في تقرير لها.
وقال شيلدون يت، ممثل «يونيسف» في السودان، متحدثاً عبر رابط فيديو من بورتسودان: «لا يستطيع الأطفال الحصول على المياه الصالحة للشرب والغذاء والرعاية الصحية. سوء التغذية منتشر، والعديد من الأطفال الأصحاء أصبحوا مجرد جلد على عظم».
وأعلن «برنامج الأغذية العالمي»، في يوليو (تموز) الماضي، أن عدداً من المناطق الواقعة إلى الجنوب من العاصمة السودانية الخرطوم معرض لخطر المجاعة. وأكدت «يونيسف» أن الأطفال محرومون من الخدمات المنقذة للحياة بسبب خفض التمويل، في حين أن حجم الاحتياجات ضخم.
وقال يت: «مع أحدث خفض للتمويل، اضطر عدد من شركائنا في الخرطوم وأماكن أخرى إلى تقليص حجم عملياتهم… ونعمل بأقصى طاقتنا في أنحاء السودان حيث يموت الأطفال من الجوع».
وأضاف: «نحن على وشك إلحاق ضرر لا يمكن تداركه في جيل كامل من الأطفال في السودان».
وذكر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، أنه لم يتم تمويل سوى 23 في المائة فقط من خطة الاستجابة الإنسانية العالمية للسودان التي تبلغ قيمتها 4.6 مليار دولار.
وقالت «يونيسف»، إن الوصول إلى المناطق المحتاجة لا يزال يشكل تحدياً أيضاً، وسط تعذر الوصول إلى بعض الطرق بسبب موسم الأمطار، ما يعيق جهود إيصال المساعدات. ولا تزال مناطق أخرى تحت الحصار، مثل الفاشر.
وقال ينس لاركه، المتحدث باسم «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»: «مر عام على تأكيد المجاعة في معسكر زمزم ولم يصل أي طعام إلى هذه المنطقة. ولا تزال الفاشر تحت الحصار. نحن بحاجة إلى الوصول الآن».
وبدوره، قال إريك بيرديسون، المدير الإقليمي لـ«برنامج الأغذية العالمي» في شرق أفريقيا وجنوبها: «الجميع في الفاشر يواجه محنة يومية للصمود»، مشيراً إلى أن «القدرة على الصمود تلاشت بالكامل بعد أكثر من سنتين من الحرب. وستزهق أرواح في غياب وصول فوري ومستدام» إلى الموارد الأساسية.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، تسبّب هجوم على مخيّم زمزم في تدفق عدد كبير من المدنيين الهاربين من أعمال العنف إلى مدينة الفاشر، العاصمة الوحيدة في منطقة دارفور المترامية التي ما زالت خارج سيطرة «قوّات الدعم السريع».
وشهدت أسعار المواد الأساسية ارتفاعاً شديداً، بحسب «برنامج الأغذية العالمي» الذي أشار إلى أن الذرة الرفيعة والقمح المستخدمين لإعداد الخبز والهريسة يكلّفان أكثر بـ460 في المائة في الفاشر. والأسواق شبه فارغة من السلع، وقد أغلقت غالبية المطابخ المشتركة أبوابها.
ولم يعد أمام بعض العائلات سوى استهلاك العلف أو النفايات، في حين بلغ نقص التغذية مستويات مثيرة للقلق في أوساط الأطفال. ويعاني نحو 40 في المائة من الأطفال دون الخامسة سوء تغذية حادّاً، من بينهم 11 في المائة مصابون بنقص شديد في التغذية، بحسب البرنامج الأممي.
وفي عام 2023، انتشرت المجاعة في مخيّمي «السلام» و«أبي شوك»، فضلاً عن عدّة مناطق في جنوب السودان.
وأسفرت الحرب في السودان التي دخلت عامها الثالث، عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص ونزوح الملايين، متسبّبة بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم»، بحسب الأمم المتحدة.