تبحث إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة لما بعد الحرب على قطاع غزة، تقضي بأن تدير الولايات المتحدة القطاع الذي مزقته الحرب لما لا يقل عن 10 سنوات، ونقل سكان القطاع مؤقتاً، حسبما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”.
وقالت الصحيفة إن الخطة التي اطّلعت عليها، والمؤلفة من 38 صفحة تنص على أن سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليوني نسمة سيغادرونه إما طوعاً إلى بلد آخر، أو إلى مناطق محددة داخل القطاع خلال إعادة الإعمار.
وتأتي هذه الخطة وسط رفض عربي ودولي متكرر لخطط تهجير سكان القطاع المدمر بعد حرب إسرائيلية مستمرة منذ نحو عامين.
وأثارت مثل هذه التصريحات انتقاد العديد من الدول والحكومات والمنظمات الإنسانية، التي عبرت عن رفضت الرؤية الأميركية، مؤكدة ضرورة التوصل إلى حل دائم قائم على حل الدولتين.
والأربعاء، ناقش ترمب مع كبار المسؤولين في إدارته خطة اليوم التالي لحرب غزة، في اجتماع استمر لأكثر من ساعة، وشهد حضور رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، ومبعوث البيت الأبيض السابق جاريد كوشنير (صهر ترمب)، ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، وانضم لهم وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، الذي استُدعي في ختام اللقاء لعرض خطوط تل أبيب “الحمراء”.
تفاصيل المقترح الجديد
وبحسب الصحيفة، تنص الخطة على “إعادة إعمار القطاع وتحويله إلى منتجع سياحي ومركز صناعي”.
وأوضحت أن الخطة أعدّت من قِبل منظمة تُدعى “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي مجموعة إغاثية مثيرة للجدل مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وذكرت الصحيفة أن كل من يملك أرضاً سيحصل على “رمز رقمي” مقابل حقوق إعادة تطوير ممتلكاته، مضيفة أن “كل فلسطيني يغادر سيحصل على 5 آلاف دولار نقداً وإعانات لتغطية إيجار أربع سنوات”. وأضافت أنهم “سيحصلون أيضاً على الطعام لمدة عام”.
وذكرت الصحيفة أن الخطة أُطلِق عليها “صندوق إعادة الإعمار والتسريع الاقتصادي والتحول في غزة”، ووضعتها مؤسسة غزة الإنسانية.
وتنسق المؤسسة مع الجيش الإسرائيلي، وتستعين بشركات أمنية ولوجستية أميركية خاصة لإدخال المساعدات الغذائية إلى غزة، وتفضلها إدارة ترمب وإسرائيل للقيام بالجهود الإنسانية في غزة على عكس المنظومة التي تقودها الأمم المتحدة.
وكانت الأمم المتحدة قالت في أوائل أغسطس، إن “أكثر من ألف شخص لقوا حتفهم في أثناء محاولتهم تلقي المساعدات في غزة منذ بدء مؤسسة غزة الإنسانية العمل في مايو 2025، معظمهم قُتلوا برصاص القوات الإسرائيلية العاملة بالقرب من مواقع المؤسسة”.
وكانت “رويترز” قد ذكرت في وقت سابق، أن هناك اقتراحاً ببناء مخيمات واسعة النطاق تسمى “مناطق عبور إنسانية” داخل غزة، وربما خارجها، لإيواء السكان الفلسطينيين.
ولم يرد البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأميركية بعد على طلب للتعليق، لكن خطة إعادة إعمار غزة تتماشى على ما يبدو مع تعليقات سابقة أدلى بها ترمب، وفقاً لـ”رويترز”.
وأعلن ترمب لأول مرة في الرابع من فبراير الماضي، أن على الولايات المتحدة “السيطرة” على القطاع المتضرر من الحرب وإعادة بنائه ليكون “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد نقل السكان الفلسطينيين إلى أماكن أخرى.
ولاقت خطة ترمب، التي أعلنها بشأن تولي الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة، وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، مع إعادة توطين الفلسطينيين في دول مجاورة، انتقادات فورية في الشرق الأوسط وخارجه.
ولم يخف ترمب، المطور العقاري السابق، إعجابه بقطاع غزة، إذ قال في السابق، إنه يمكن إعادة بناء القطاع المكتظ بالفلسطينيين، بشكل أفضل من موناكو، لتصبح ملاذاً للأثرياء في البحر الأبيض المتوسط.
تصعيد إسرائيلي
وقصفت القوات الإسرائيلية أطراف مدينة غزة خلال الليل جواً وبراً؛ مما أدى لتدمير منازل وإجبار المزيد من الأسر على النزوح من المنطقة في الوقت الذي يعتزم فيه مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، برئاسة بنيامين نتنياهو الاجتماع، الأحد، لمناقشة خطة للسيطرة على المدينة.
وصعد الجيش الإسرائيلي عملياته حول مدينة غزة تدريجياً على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية.
وقالت سيندي ماكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، الأحد، إن وصف إسرائيل لمدينة غزة بأنها “منطقة قتال خطيرة” من شأنه أن يؤثر على وصول الغذاء، ويعرض العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية للخطر.
وأضافت في تصريحات لشبكة (CBSNEWS) سيحد هذا من كمية الغذاء التي يمكنهم (سكان مدينة غزة) الحصول عليها”.
وأفاد تقرير أصدره هذا الشهر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، بأن نحو 514 ألف شخص، أي ما يُقارب ربع سكان غزة، يواجهون ظروف التجويع في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.