أعلنت جوجل تفوقها في سباق إثبات أول استخدام عملي للحواسيب الكمية، كاشفةً عن خوارزمية قالت إنها قد تُسهم في فتح آفاق جديدة في اكتشاف الأدوية وتطوير مواد جديدة.
ووصفت عملاقة التكنولوجيا الأميركية، عرضها بأنه مثال على “الميزة الكمية”، وهي النقطة التي تتفوق فيها الأنظمة الكمية بوضوح على الحواسيب التقليدية.
ويستعد عالم “الحوسبة الكمية”، لظهور أدلة على أن الآلات الكمية قد وصلت أخيراً إلى مرحلة يُمكنها فيها التفوق في أنواع مُعينة من الحسابات.
أسرع بـ 13 ألف مرة
في ورقة بحثية نُشرت في مجلة “نيتشر” العلمية، الأربعاء، قدمت جوجل خوارزميةً تُحاكي السلوك الميكانيكي الكمي للأنظمة في الطبيعة، مثل طريقة تفاعل الذرات في الجزيء.
وصرحت الشركة أنه بتشغيل الخوارزمية على أحدث شريحة كمية لديها، حصلت على نتائج أسرع بـ 13 ألف مرة مما كان ممكناً باستخدام حاسوب فائق “كلاسيكي”.
وأضافت جوجل، أن النتائج كانت قابلة للتحقق أيضاً، مما يعني إمكانية تكرارها على جهاز ثانٍ، وهو أمر لم تتمكن من إثباته من قبل، ويمثل خطوة مهمة نحو بناء الثقة في الحسابات التي تُجريها الحواسيب الكمية.
ووصف هارتموت نيفين، رئيس مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي الكمي في جوجل، هذا العمل بأنه “عرضٌ لأول خوارزمية ذات ميزة كمية قابلة للتحقق” و”إنجازٌ بارز في مجال البرمجيات”، حيث يتم توجيه المزيد من الجهود البحثية نحو تطوير خوارزميات عملية يمكن تشغيلها على أنظمة الكم.
ومع ذلك، امتنعت الشركة عن الادعاء بأن العمل، في حد ذاته، سيكون له استخدامات عملية. وبدلاً من ذلك، قالت إن الخوارزمية، المعروفة باسم “أصداء الكم”، أظهرت تقنية يمكن تطبيقها على خوارزميات أخرى مستخدمة في مجالات مثل علم المواد واكتشاف الأدوية.
وقالت شارينا تشو، الرئيسة التنفيذية لمختبرات الذكاء الاصطناعي الكمومي التابعة لشركة جوجل، إن عملها “قابل للتطبيق في العديد من أنظمة المحاكاة الكمومية، وبالتالي يُعد هذا طريقاً نحو ميزة كمية عملية، وهو أمر لن يكون أفضل على الحاسوب الكمومي فحسب، بل مفيداً أيضاً”.
نقطة تحول محورية
وفي إشارة إلى إمكانية تحقيق نتائج عملية، أظهرت ورقة بحثية ثانية نشرتها جوجل، الأربعاء، كيف يمكن تطبيق طريقتها في الرنين المغناطيسي النووي، وهي تقنية تُستخدم بالفعل بشكل شائع لدراسة الجزيئات. وتضمَّن هذا العمل تجربة على نظام كمي صغير نسبياً لم يكن قادراً على العمل بشكل أسرع من الحاسوب التقليدي، مما يعني أنه لم يحقق الميزة الكمية العملية الكاملة.
ولم يخضع ادعاء جوجل الأخير بعدُ للتدقيق من قِبل باحثين منافسين، على الرغم من أنه خضع لعملية مراجعة الأقران قبل نشره في مجلة “نيتشر”. وفي خطوةٍ غير مألوفة، قالت الشركة أيضاً إنها “أعادت النظر” في البحث بشكلٍ شامل، أو أنها وظّفت بعض باحثيها في محاولةٍ دحض نتائجها، وفشلوا في ذلك.
وتوقع باحثون من شركة IBM مؤخراً ظهور عددٍ من ادعاءات الميزة الكمومية قبل نهاية عام 2026، وهو ما يُمثّل “نقطة تحولٍ محورية في هذا المجال” مع اقتراب أجهزة الكمبيوتر الكمومية من الاستخدام العملي. لكنهم حذّروا من أن هذه الادعاءات ستصبح موضوع نقاشٍ حادٍّ بين باحثين آخرين، وأن الأمر قد يستغرق بعض الوقت قبل التوصل إلى اتفاقٍ عام.
وتضمنت ادعاءات جوجل المثيرة للجدل عام 2019 بالتفوق الكمي، والتي نُشرت أيضاً في ورقة بحثية في مجلة “نيتشر”، حل مسألة في 200 ثانية، بينما قالت إنها ستستغرق 1000 عام على حاسوب عملاق كلاسيكي.
وسارع باحثون آخرون إلى تقديم طرق لإجراء الحسابات بشكل أسرع بكثير على جهاز كلاسيكي، وقال نيفين، إن التحسينات التي طرأت على الرقائق منذ ذلك الحين تعني أن العملية لن تستغرق سوى ست ثوانٍ على أحدث وحدات معالجة الرسومات.
لكنه أضاف أن معالجات جوجل الكمومية، أظهرت تحسناً أسرع. وقال: “هذا سباق لا تستطيع الآلات الكلاسيكية الفوز فيه”.