لمّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الاثنين، إلى أن اتفاقاً جرى التوصل إليه مع الصين بشأن مستقبل تطبيق «تيك توك»، قائلاً في منشور عبر منصته «تروث سوشيال» إن «صفقة أُبرمت بشأن شركة معينة يهتم بها شباب بلادنا كثيراً». وأكد أنه سيتحدث مع نظيره الصيني شي جينبينغ يوم الجمعة، في خطوة تعزز التكهنات بقرب التوصل إلى تسوية للملف الذي أثار جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة.
وعقب تصريح ترمب، قال الممثل التجاري الأميركي، جيمسون غرير، إن «الولايات المتحدة والصين توصّلتا إلى اتفاق بشأن قضية حساسة وصعبة مثل (تيك توك)»، مشيراً إلى أن «الاحترام العميق المتبادل كان أساس التقدم». وأضاف: «من دون قيادة الرئيس ترمب، لم نكن لنصل إلى هذه المرحلة».
ويأتي تصريح ترمب بالتزامن مع انطلاق اليوم الثاني من المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين في مدريد، حيث شدّد وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، على أن أي اتفاق حول «تيك توك» سيبقى مرهوناً بتقديم بكين «تنازلات تجارية»، مضيفاً أن «الأمن القومي الأميركي خط أحمر لا يمكن المساومة عليه».
وقبل تصريح ترمب، قال مسؤول أميركي كبير مطلع على المفاوضات، يوم الاثنين، إن الولايات المتحدة ستمضي قدماً في حظر تطبيق «تيك توك» للفيديوهات القصيرة ما لم تتنازل الصين عن مطالبها بخفض الرسوم الجمركية والقيود التكنولوجية بوصفها جزءاً من صفقة بيع.
وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن الوفد الصيني حضر محادثات مدريد بفهم خاطئ للموقف الأميركي من «تيك توك».
وفي حديثهما للصحافيين قبل بدء محادثات يوم الاثنين، قال سكوت بيسنت وغرير إن الصين تريد تنازلات في التجارة والتكنولوجيا مقابل الموافقة على سحب استثماراتها من تطبيق التواصل الاجتماعي الشهير.
«تيك توك» في قلب المحادثات
المحادثات التي عُقدت في قصر سانتا كروز بالعاصمة الإسبانية، استمرت في يومها الأول ست ساعات، وتركزت حول ثلاثة ملفات رئيسية؛ هي: «تيك توك»، والرسوم الجمركية، والسياسة الاقتصادية. وقاد الوفد الصيني نائب رئيس الوزراء هي ليفينغ، في حين شارك من الجانب الأميركي سكوت بيسنت، والممثل التجاري جيمسون غرير.
وأوضح بيسنت أن الوفد الصيني طرح «مطالب طموحة للغاية»، من أجل التوصل إلى اتفاق حول «تيك توك»، مشيراً إلى أن بلاده «لن تضحي بالأمن القومي من أجل تطبيق تواصل اجتماعي». ويواجه «تيك توك» احتمال الحظر الكامل في الولايات المتحدة إذا لم تنسحب الشركة المالكة «بايت دانس» من السوق الأميركية بحلول 17 سبتمبر (أيلول)، ما يجعل تمديد هذه المهلة خياراً مرجحاً إذا تعثرت المفاوضات.
من جانبه، قال المتحدث باسم «الخارجية الصينية» لين جيان، قبل تصريح ترمب، إنه «لا جديد» لدى بلاده فيما يخص «تيك توك»، مضيفاً أن «الصين أكدت موقفها مراراً». لكن مصادر أميركية أكدت أن بكين تسعى لربط الصفقة بملفات أوسع تشمل الرسوم الجمركية وتخفيف القيود على الصادرات التكنولوجية المتقدمة.
نزاع تجاري وضغوط نفطية
المفاوضات في مدريد هي الرابعة خلال أربعة أشهر ضمن مساعٍ لاحتواء الخلافات التجارية التي تصاعدت منذ أن فرضت إدارة ترمب رسوماً جمركية مشددة على الواردات الصينية. وردت بكين، حينها، بإجراءات مماثلة شملت وقف تصدير المعادن النادرة. وكانت آخر جولة في استوكهولم خلال يوليو (تموز) قد انتهت بتمديد هدنة تجارية 90 يوماً سمحت باستئناف تدفق المعادن وخفض الرسوم الانتقامية.
وتطرقت المباحثات أيضاً إلى ملف روسيا؛ فقد دعت وزارة الخزانة الأميركية حلفاء مجموعة السبع إلى فرض «رسوم مؤثرة» على الواردات من الصين والهند للضغط عليهما لوقف شراء النفط الروسي. بينما أعلنت وزارة التجارة الصينية رفضها القاطع لهذه «الرسوم الثانوية»، متعهدة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية شركاتها، ووصفت الخطوة الأميركية بأنها «منتهكة للقوانين التجارية الدولية ومضرة بالاستقرار الاقتصادي العالمي».
انتظار لقاء القمة
وعلى الرغم من نبرة التفاؤل التي حملتها تصريحات ترمب وبيسنت، يرى خبراء أن تحقيق اختراق حقيقي يظل مرهوناً بعقد لقاء مباشر بين الرئيسَيْن الأميركي والصيني. وقال كبير المستشارين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، ويليام راينش: «هذه المحادثات أشبه بجس نبض… أما القرارات الكبرى فستُترك لزعماء البلدَيْن». ومع اقتراب المهلة النهائية لتصفية استثمارات «تيك توك» في الولايات المتحدة، تبدو مدريد محطة انتقالية على طريق طويل، قد يتحدد مساره فعلياً حين يلتقي ترمب وشي وجهاً لوجه.