حذّر وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب، من «محاولات الأعداء» لاستهداف المرشد علي خامنئي أو إثارة اضطرابات داخلية، وقال إن الولايات المتحدة انتقلت من استراتيجية «إسقاط النظام» إلى «احتوائه عبر الضغط»، مشيراً إلى توسع وجودها العسكري في المنطقة.
وتراجعت إطلالات المرشد علي خامنئي (86 عاماً)، إلى حدها الأدنى منذ حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل، بعدما هدد مسؤولون إسرائيليون باستهدافه، وأثارت وسائل إعلام إيرانية تكهنات بمساعٍ لتعيين خلفية المرشد الذي تولى مهامه في عام 1989 خلفاً للمرشد الأول (الخميني)، وهو صاحب كلمة الفصل في البلاد.
وقال الخطيب في كلمة عامة بمدينة ياسوج غرب البلاد، إن خامنئي هو «عمود الخيمة»، وإن العدو «يحاول استهدافه بالاغتيال أو بالحملات الإعلامية وهو ما يمثل جوهر خطط الخصوم»، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الحكومي الإيراني.
وفيما يتعلق بالوضع الداخلي، اتهم خطيب أطرافاً بـ«استهداف الحكومة»، وتجاهل «جهودها وحضورها الدبلوماسي الفاعل» و«مجاراة أهداف العدو» بغية «زيادة السخط بين الناس»، داعياً إلى الحفاظ على «الوحدة والانسجام» وحماية رأس المال الاجتماعي. وحذّر من السعي إلى «تأجيج اليأس والسخط».
وتأتي هذه التحذيرات وسط تفاقم الأزمات المعيشية وازدياد الضغط الاقتصادي بعد إعادة تفعيل العقوبات الأممية.
إثارة اضطرابات
وقال إن من يسير في هذا الاتجاه «هو، بوعي أو من دون وعي، جزء من مشروع الأعداء وأميركا والكيان الصهيوني، ضد وحدة واستقلال البلاد»، حسبما نقل موقع «دفاع برس».
ولفت خطيب إلى أن العدو «كان يسعى لتدمير رأس المال الاجتماعي وإثارة الناس للنزول إلى الشوارع»، لكن النتيجة جاءت «معاكسة تماماً»، إذ برزت «إيران موحدة»، وأظهرت «أصالة وإيماناً راسخاً» خلال الحرب. وشدد على أن «صمود القوميات والمذاهب وتكاتف جميع الإيرانيين شكّلا اتحاداً مقدساً يجب دعمه وحمايته».
ومع ذلك، قال خطيب إن «الأعداء يعملون على إثارة الهزات الفكرية والانقسامات الاجتماعية»، داعياً أجهزة الدولة الأمنية والقضائية والثقافية والدينية إلى اعتماد «سياسات إيجابية»، لحماية المجتمع من الاستهداف عبر منصات التواصل والإعلام.
وقال خطيب: «يحاول العدو، عبر ما يمتلكه من أدوات الحرب الناعمة، أن يدفع الناس إلى فقدان الثقة بالنظام والمسؤولين، فيما يتمثل واجبنا بهذه الظروف في صون الوحدة والتضامن»، داعياً المسؤولين إلى الحضور والتفاعل مع الناس «من أجل إحباط مؤامرات الأعداء وتحييدها».
وسبق أن حذّر مسؤولون رفيعو المستوى في حكومة مسعود بزشكيان، من الانتقادات العلنية للوضع الداخلي، معتبرين أنها تخدم «العدو» في ظل ما وصفوه بالظروف «الحربية».
وقال النائب الأول للرئيس، محمد رضا عارف، إن التحليلات السلبية المتداولة بعد الحرب الأخيرة «تُضخ من الخارج»، داعياً إلى ضبط الخلافات داخل الاجتماعات، وعدم «إفراغ قلوب الناس» عبر التصريحات العلنية.
وتابع خطيب في سياق روايته، أن الأعداء «استنفروا الدواعش والتكفيريين التائهين في سوريا باتجاه إيران»، مضيفاً أنهم «فعلوا شبكات تهريب الأسلحة والتخزين داخل البلاد، وأسسوا شبكات متعددة باستخدام الأموال والعملات الرقمية، وشنّوا هجمات سيبرانية واسعة، سعياً لإحداث اضطرابات في شمال غربي البلاد وجنوبها الشرقي وعمقها الداخلي».
وتابع في السياق نفسه، أن «يقظة القوات العسكرية والأمنية والقضائية، وتوجيهات المرشد، أحبطت هذه المخططات»، مضيفاً أن «أي مشروع يستهدف تقسيم إيران أو إسقاط نظامها، سيعود بالوبال على أصحابه».
وأضاف خطيب أن إسرائيل تواجه «وباءً من الاختراق والتجسس لصالح إيران»، في ظل اعتقال ضباط وتجريد منشآت حساسة من وثائق مصنّفة، عادّاً ذلك دليلاً على «تفوق الأجهزة العسكرية والأمنية الإيرانية».
مقاربة أميركية جديدة
وقال خطيب إن الولايات المتحدة تتبنى مقاربة جديدة للتعامل مع إيران، موضحاً أنها انتقلت من استراتيجية «الإطاحة والتقسيم»، إلى سياسة «الاحتواء عبر الضغط المتصاعد». واعتبر خطيب أن «نجاح» إيران في دفع واشنطن إلى تغيير نهجها، يمثل «انتصاراً استراتيجياً مؤثراً عالمياً».
وأوضح أن تركيز الولايات المتحدة «بات موجهاً نحو الداخل الإيراني، بعدما فشلت الشبكات التي دعمتها بالخارج في اكتساب أي نفوذ أو قبول داخل المجتمع»، مشدداً على ضرورة يقظة الأجهزة الأمنية.
وأضاف خطيب أن واشنطن وحلفاءها يتحركون ضمن مخطط يقوم على «التهديدات العسكرية ومحاولة فرض الحصار»، مشيراً إلى توسع الوجود الأميركي وقوات «الناتو» في المنطقة، وازدياد الأنشطة العسكرية في قواعد إسرائيل ودول الجوار، في إطار «استعراض قوة واضح يستهدف إيران».
وأشار إلى التحرك العسكري الأميركي في المنطقة، قائلاً: «خلافاً لشعارات ترمب السابقة حول تقليص الوجود العسكري، زادت وجودها العسكري إلى جانب (الناتو) وحلفائها»، كما عززت «التجهيزات العسكرية في قواعد مختلفة داخل المنطقة»، بما فيها «القواعد الإسرائيلية»، بهدف «إظهار القوة تجاه إيران».
ولم يتضح ما إذا كان الوزير يشير إلى حادث أو مخطط محدد، لكن المسؤولين الإيرانيين كثيراً ما يتحدثون عن مؤامرات أجنبية تُنسب غالباً إلى الولايات المتحدة وإسرائيل. غير أن التطرّق إلى أمن المرشد نفسه كان أمراً نادر الحصول، قبل الحرب الإيرانية – الإسرائيلية الصيف الماضي.
ففي 13 يونيو (حزيران)، شنّت إسرائيل هجوماً لم يسبق له مثيل على إيران، ما أدى إلى اندلاع حرب استمرت 12 يوماً، شاركت فيها الولايات المتحدة لفترة وجيزة بتوجيه ضربات إلى 3 منشآت نووية إيرانية رئيسية.
وفي 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إنه خشي اغتيال خامنئي في يونيو، أثناء الحرب، وأن يثير اغتياله، لو وقع فعلاً، انقسامات داخلية.
وأضاف بزشكيان في مقطع مصوّر بثّته وسائل إعلام رسمية: «لم أكن خائفاً على نفسي، كنت خائفاً أن يصاب المرشد بمكروه وأن نتنازع فيما بيننا».
وهدد مسؤولون أميركيون وإسرائيلون مراراً باغتيال المرشد.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي نيوز» أثناء الحرب، إن قتل المرشد «لن يُؤجج النزاع، بل سينهيه».
كذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إن قتل خامنئي «هدف سهل»، لكن واشنطن «لن تقتله، في الوقت الحالي على الأقل».
ولم يُسجل أي ظهور علني لخامنئي أثناء الحرب، بل توجّه للشعب الإيراني في خطابات مسجّلة لا يظهر فيها معه أحد.
ومنذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 24 يونيو، قلص المرشد بشكل كبير ظهوره العلني.

