أعلن الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، استهداف آليات عسكرية للجيش السوري في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، وذلك في أعقاب إعلان وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، وقفاً تاماً لإطلاق النار في المدينة التي شهدت اشتباكات دامية، أودت بحياة العشرات خلال اليومين الماضيين.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، بأن الجيش الإسرائيلي، شن غارة جوية على مدينة السويداء، فيما لم ترد أي تفاصيل عن الخسائر الناجمة عن تلك الغارة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن الهجوم يأتي بعد رصد قوافل من ناقلات الجند المدرعة والدبابات تتحرك، الاثنين، نحو منطقة السويداء، حيث هاجم الجيش الإسرائيلي عدة آليات مدرعة منها دبابات وناقلات جند مدرعة وقاذفات صاروخية إلى جانب طرقات لعرقلة وصولها إلى المنطقة.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي، يواصل مراقبة ومتابعة التطوّرات ويبقى في حالة تأهب.
وفي وقت سابق، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، أوامر للجيش بضرب القوات والأسلحة السورية في محافظة السويداء السورية، عقب هجوم على الأقلية الدرزية.
وبحسب بيان مشترك لوزارة الدفاع الإسرائيلية ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فإن الهجوم الإسرائيلي يأتي رداً على قرار سوريا نشر قوات وأسلحة بجنوب سوريا يُشكل “انتهاكاً لاتفاق سابق، وتهديداً لأمن لإسرائيل”.
وقف إطلاق النار
وأفادت وكالة الأنباء السورية “سانا”، بأن الجيش السوري بدأ سحب الآليات الثقيلة من السويداء، تمهيداً لتسليم أحياء المدينة لقوى الأمن الداخلي.
يأتي هذا التحرّك بعد إعلان وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة السويداء جنوبي البلاد، بعد اتفاق مع وجهاء وأعيان محليين.
وقال أبو قصرة، في بيان نشرته وزارة الدفاع السورية: “إلى كافة الوحدات العاملة الموجودة داخل مدينة السويداء، نعلن وقفاً تاماً لإطلاق النار، بعد الاتفاق مع وجهاء وأعيان المدينة، على أن يتم الرد فقط على مصادر النيران والتعامل مع أي استهداف من قبل المجموعات الخارجة عن القانون”.
وأوضح وزير الدفاع السوري، أن “القوات ستبدأ في تسليم أحياء مدينة السويداء إلى قوات الأمن الداخلي حالما يتم الانتهاء من عمليات التمشيط”، مشيراً إلى أنه أصدر تعليمات ببدء انتشار قوات الشرطة العسكرية “لضبط السلوك العسكري”.
حظر التجول وانتشار عسكري
ودخلت قوات مشتركة من الجيش والأمن الداخلي مدينة السويداء، في وقت سابق الثلاثاء، بالتزامن مع فرض حظر تجوّل بعد الاشتباكات، وهي المرة الأولى التي تنتشر فيها قوات حكومية في المدينة منذ تولي الحكومة الانتقالية للسلطة في البلاد في ديسمبر الماضي، بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وأودت اشتباكات مسلحة بين مجموعات محلية من الدروز وعشائر البدو في حي المقوس بمدينة السويداء، بحياة العشرات، فيما أصيب نحو 200 آخرين، وفق حصيلة أولية أوردتها وزارة الداخلية السورية، في بيان.
وأعلن قائد الأمن الداخلي في السويداء، أحمد الدالاتي، صباح الثلاثاء، فرض حظر تجول في المحافظة اعتباراً من الثامنة صباحاً بالتوقيت المحلي، وحتى إشعار آخر، بعد الاشتباكات.
وجاء انتشار القوات السورية، بعد أن حض زعماء الدروز، الذين كانوا يرفضون أي انتشار للقوات السورية، المقاتلين الدروز على إلقاء أسلحتهم والسماح للقوات الحكومية بالدخول.
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية، أعلن، مساء الاثنين، مصرع 18 من قوات الجيش في هجمات مسلحة على نقاط عسكرية في محافظة السويداء بجنوب البلاد.
في عضون ذلك، وجّه مستشفى السويداء نداءً إنسانياً عاجلاً لجميع الكوادر الطبية، نظراً لتدهور الأوضاع الصحية، ونقص الطواقم اللازمة للتعامل مع الحالات الطارئة، محذراً من أن استمرار هذا النقص بات يهدد حياة المرضى بشكل مباشر، وسط استنفار غير مسبوق في القطاع الطبي بالمحافظة.
تضارب بشأن موقف زعماء الدروز
وفي أول رد رسمي من الطائفة الدرزية، رحّبت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز، بزعامة الشيخ حكمت الهجري، بدخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع إلى المدينة، لكنه تراجع في وقت لاحق، إذ قال في بيان متلفز، إنه “بعد مفاوضات عديدة مع دمشق لم تفض إلى أي نتائج أو صدق في التعامل، تم فرض البيان الذي أصدرناه منذ قليل بتفاصيله الكاملة من دمشق وبضغط جهات خارجية من أجل حقن دماء أبنائنا”.
وأضاف الهجري: “ولكن رغم قبولنا هذا البيان المُذل، قاموا بنكس العهد والوعد واستمر القصف العشوائي على المدنيين العزل. هذا اليوم هو اليوم الذي إما أن نكون فيه سوريين ونرفض الذل والإهانة، وإما أمامنا عقود من الذل والمهانة”.
وتابع: “وبناء على ذلك هذه وقفة عز ونحن نتعرض لحرب إبادة شاملة”، فيما طالب بـ”التصدي لهذه الحملة البربرية بكل الوسائل المتاحة”، على حد وصفه.
وطالبت الرئاسة الروحية في بيانها الأول، الفصائل المسلحة في السويداء، بتسليم سلاحها لوزارة الداخلية وعدم مقاومة قواتها، ودعت إلى “فتح حوار مع الحكومة السورية لعلاج تداعيات الأحداث وتفعيل مؤسسات الدولة بالتعاون مع أبناء المحافظة”.
وعبر قائد الأمن الداخلي في السويداء، عن ترحيبه بالموقف الأول لرئاسة طائفة الموحدين الدروز الروحية، وحث المرجعيات الدينية في البلاد على “اتخاذ موقف وطني موحد” يدعم إجراءات وزارة الداخلية.
وأضاف: “نناشد قادة الفصائل والمجموعات المسلحة الخارجة عن القانون بوقف أي أعمال تعيق دخول قوات وزارتي الداخلية والدفاع، والتعاون الكامل من خلال تسليم أسلحتهم للجهات المختصة، حفاظاً على السلم الأهلي”.