دعا وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا والأردن، السبت، بشكل مشترك، إلى وقف فوري لإطلاق النار في الحرب الدائرة بالسودان، واصفين الوضع بأنه “كارثي”، وكاد أن يكون “أشبه بنهاية العالم”، وذلك بعد أن استولت قوات الدعم السريع على آخر مدينة رئيسية في إقليم دارفور غربي البلاد.
وحذّر مسؤولون في الأمم المتحدة من أن عناصر تابعة لقوات الدعم السريع ارتكبت أعمال عنف مروّعة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، فيما نقلت وكالة أسوشيتد برس عن تقارير قولها إن “تلك العناصر قتلت المئات داخل مستشفى، إضافة إلى ارتكاب اعتداءات جنسية”.
وبينما نفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن قتل أشخاص داخل المستشفى، تكشف روايات الناجين من المدينة، إضافة إلى صور الأقمار الاصطناعية ومقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ملامح ما يبدو أنها انتهاكات واسعة النطاق اُرتكبت في المدينة.
مساع لمحاسبة المسؤولين
وفي كلمة ألقتها خلال منتدى “حوار المنامة” الأمني في البحرين، السبت، أكدت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر أنها تقود جهوداً دبلوماسية مكثفة لمحاسبة المسؤولين عن معاناة المدنيين في السودان، وقررت تخصيص خمسة ملايين جنيه إسترليني إضافية إلى 120 مليون جنيه للسودان هذا العام.
وانتقدت الوزيرة البريطانية ما وصفته بفشل المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة الإنسانية والصراع المدمر في السودان، مؤكدة أن إهمال الصراع بالسودان لفترة طويلة فاقم المعاناة الإنسانية هناك.
ووصفت كوبر التقارير الواردة من دارفور بالسودان بأنها “مروعة”، وقالت إن “فظائع تُرتكب منها عمليات إعدام جماعية وتجويع واستخدام مروّع للاغتصاب كسلاح حرب، حيث تتحمل النساء والأطفال العبء الأكبر من أكبر أزمة إنسانية يشهدها القرن الحادي والعشرون”.
وتابعت: “لقد تم تجاهل هذا الصراع المروّع لفترة طويلة جداً، بينما استمر تفاقم المعاناة بلا توقف”، مشددة على أن “أي قدر من المساعدات لن يكون كافياً لحل أزمة بهذا الحجم ما لم تصمت أصوات البنادق”.
من جانبه، عبّر وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول عن قلقه العميق، موجهاً انتقادات مباشرة لقوات الدعم السريع، بسبب أعمال العنف التي ارتكبتها في الفاشر.
وقال فاديبول: “الوضع في السودان مأساوي إلى حدّ يفوق الوصف، إنه وضع أشبه بيوم القيامة”.
أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، فقال إن السودان “لم يحظَ بالاهتمام الذي يستحقه، رغم أن أزمة إنسانية تفوق الوصف قد وقعت هناك”. وأضاف: “علينا أن نضع حداً لذلك فوراً”.
أوضاع إنسانية قاسية
وتشهد مدينة الفاشر، موجات نزوح مستمرة، حيث يواجه أكثر من 36 ألف نازح أوضاعاً إنسانية صعبة، بسبب نقص الغذاء ومياه الشرب، إضافة لانعدام المأوى وغياب الخدمات الأساسية، وسط تحذيرات من “انهيار كامل” للوضع الإنساني.
وقال المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال لـ”الشرق”، إن منطقة طويلة الواقعة في شمال دارفور استقبلت نحو 700 طفل دون أسرهم، داعياً المنظمات الإنسانية إلى تكثيف جهودها لتقديم الدعم والإغاثة للمتضررين.
وأوضح أن النساء والأطفال وكبار السن من أكثر الفئات تضرراً، حيث تسجل حالات متزايدة من سوء التغذية بينهم، متهماً قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات ضد النازحين قبل وصولهم إلى منطقة طويلة.
كان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) أعلن “تشكيل لجنة تحقيق في تجاوزات حصلت في الفاشر”، بحسب تعبيره، متعهداً بمحاسبة “أي جندي أو ضابط ارتكب أي جرم أو تجاوز حدوده في الفاشر”.
وقال “حميدتي”، الأربعاء، إن معركة الفاشر فُرضت على قواته، ولم يكن أمامها خيار سوى القتال.
وأضاف، في كلمة مصورة، أن “تحرير الفاشر أصبح جزءا من معركة وحدة السودان سلماً أو حرباً”، معلناً تشكيل لجنة تحقيق في “تجاوزات” حدثت من جانب قواته في المدينة الواقعة بإقليم دارفور ومحاسبة أي جندي أو ضابط “ارتكب أي جرم أو تجاوز حدوده”.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني والدعم السريع في أبريل 2023، بسبب صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول نحو حكم مدني، وأدى الصراع إلى نزوح ملايين السودانيين ومعاناة أكثر من نصف السكان من الجوع والأمراض.

