تستعد المحكمة الأميركية العليا لبدء دورة قضائية حافلة، الاثنين، ستشهد اختبارات كبرى لصلاحيات الرئيس دونالد ترمب، إلى جانب نظر قضايا محورية، من الرسوم الجمركية إلى حق الجنسية بالولادة، وفق وكالة “أسوشيتد برس”.
وقالت الوكالة إن الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا، تبدي حتى الآن استعداداً لتأييد الكثير من مواقف ترمب التي تعكس “توسعاً في صلاحياته”، على الأقل في القرارات الأولية التي تصدر عن المحكمة، وهو ما حدا بالقاضية الليبرالية كيتانجي براون جاكسون للاستشهاد بقصص “كالفن وهوبز” المُصورة لوصف أحد قرارات المحكمة التي سمحت باقتطاع 783 مليون دولار من تمويل الأبحاث.
وكتبت جاكسون: “هذه سابقة قضائية على طريقة لعبة كالفن بول، ولكن مع لمسة خاصة. فكالفن بول لها قاعدة واحدة فقط: لا توجد قواعد ثابتة. أما نحن فيبدو أن لدينا قاعدتين: هذه، وأن هذه الإدارة تفوز دائماً”.
ومع ذلك، فقد يبدي القضاة المحافظون قدراً أكبر من الحذر عندما يشرعون في دراسة معمقة لبعض سياسات ترمب، بما في ذلك فرضه رسوماً جمركية، وسعيه إلى فرض قيود على حق الجنسية بالولادة.
وقال إيرف جورنشتاين، المدير التنفيذي لمعهد المحكمة العليا في كلية الحقوق بجامعة جورجتاون، إنه “إذا استمر الانقسام بين المحافظين والليبراليين الذي وسم الكثير من طعون ترمب الطارئة، فنحن مقبلون على واحدة من أكثر الدورات القضائية استقطاباً”.
صلاحيات الرئيس
ومن المقرر أن يصدر القضاة خلال الأشهر الـ10 المقبلة أحكاماً بشأن بعض أكثر سياسات ترمب إثارة للجدل.
وفي نوفمبر المقبل، سينظر القضاة في قضية مفصلية لخطة ترمب الاقتصادية تتعلق بشرعية الرسوم الجمركية الواسعة التي فرضها. وكانت محكمتان أدنى قد خلصتا إلى أن الرئيس لا يملك صلاحية فرض رسوم جمركية شاملة بشكل أحادي بموجب قانون صلاحيات الطوارئ.
وتقول حكومات الولايات والشركات الصغيرة إن ترمب لا يمكنه انتزاع صلاحيات فرض الضرائب من الكونجرس عبر إعلان حالات طوارئ وطنية واستخدام الرسوم الجمركية لمعالجتها.
لكن الإدارة تقول إن القانون يمنح الرئيس سلطة تنظيم الاستيراد، بما في ذلك فرض الرسوم الجمركية. وقد تبنى أربعة قضاة في محكمة استئناف فيدرالية في واشنطن هذا التفسير، ما يفتح مساراً قانونياً محتملاً أمام المحكمة العليا.
وفي ديسمبر، ستبحث المحكمة صلاحيات ترمب في إقالة مسؤولي الهيئات المستقلة من مناصبهم بشكل مباشر، في قضية يُرجح أن تدفع المحكمة إلى إلغاء أو تقليص نطاق قرار قضائي يعود إلى 90 عاماً، كان يشترط توافر أسباب مثل الإهمال قبل أن يتمكن الرئيس من إقالة مسؤولين صادق مجلس الشيوخ على تعيينهم.
ويبدو أن النتيجة محسومة إلى حد كبير، إذ سمح القضاة المحافظون بالفعل بتنفيذ قرارات الإقالة بينما لا تزال القضية منظورة، رغم أن محاكم أدنى اعتبرتها غير قانونية. وقد عارض القضاة الليبراليون الثلاثة هذه القرارات في كل مرة.
وهناك قضية أخرى وصلت إلى المحكمة لكنها لم يُنظر فيها بعد، تتعلق بأمر تنفيذي أصدره ترمب يحرم الأطفال المولودين في الولايات المتحدة لأبوين موجودين فيها بشكل غير قانوني أو مؤقت من حق الجنسية بالولادة.
واستأنفت الإدارة أحكام المحاكم الأدنى التي أوقفت الأمر بوصفه “غير دستوري أو مرجحاً أن يكون كذلك”، متجاوزة فهماً قانونياً مستقراً منذ أكثر من 125 عاماً، وقراراً للمحكمة العليا عام 1898. وقد تُناقش القضية في أواخر الشتاء أو مطلع الربيع المقبل.
مكاسب كبرى محتملة للجمهوريين
وتُعد قضية تقسيم الدوائر الانتخابية في ولاية لويزيانا، المقرر مناقشتها في منتصف أكتوبر، حاسمة لمستقبل الدوائر التي يشكل فيها الناخبون السود أو ذوو الأصول اللاتينية أو السكان الأصليون أغلبية.
وتخلت الولاية التي يهيمن عليها الجمهوريون عن الدفاع عن خريطة سياسية مكنت من انتخاب عضوين أسودين في مجلس النواب، وتسعى بدلاً من ذلك إلى دفع المحكمة لرفض أي اعتبار للعرق في عمليات تقسيم الدوائر، في خطوة قد تُحدث تغييرات كبيرة على قانون “حقوق التصويت”.
وأبدى رئيس المحكمة جون روبرتس وخمسة قضاة محافظين آخرين شكوكاً تجاه استخدام الاعتبارات العرقية في الحياة العامة، بما في ذلك قرار قضائي صدر في عام 2023 وأنهى العمل بسياسات التمييز الإيجابي في القبول الجامعي.
ويقول خبراء حقوق التصويت إن موقف لويزيانا من شأنه السماح للولاية وغيرها من الولايات الجنوبية ذات الهيمنة الجمهورية بوضع خرائط انتخابية جديدة تقضي عملياً على معظم الدوائر ذات الأغلبية السوداء، التي كانت معاقل تقليدية للديمقراطيين.
وكانت المحكمة فشلت في البت في القضية في يونيو الماضي، بعد جلسات استماع عقدت خلال الدورة الماضية. ورغم أنها ليست مضطرة للذهاب إلى المدى الذي تريده لويزيانا لرفض الخريطة، فإن عقد جولة ثانية من المرافعات أمر نادر في المحكمة العليا، وغالباً ما يمهد لتحولات كبرى.
تقاعد قاض
وسيبلغ القاضي سامويل أليتو 76 عاماً في أبريل المقبل، وهو عمر يُعد صغيراً نسبياً بمعايير المحكمة العليا، لكنه قد لا يرغب في البقاء والمخاطرة بإمكانية سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ في انتخابات العام المقبل، وفوز مرشح ديمقراطي بالرئاسة بعد عامين، ما يمكن الديمقراطيين من تعيين قاض ليبرالي بالمحكمة العليا.
وقد يتيح تقاعده الصيف المقبل لترمب تعيين بديل محافظ شاب، من المرجح أن يحظى بمصادقة مجلس الشيوخ الجمهوري.