أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، الثلاثاء، أن التطورات في اليمن لم تكن خلافاً سياسياً داخلياً، بل تهديداً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية التي يرفضها المجتمع الدولي في كل بياناته، وقراراته.
جاء ذلك خلال لقاء العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، لبحث آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة المحافظات الشرقية، التي اقتضت اتخاذ جملة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، من أجل حماية أمن المواطنين، وصون وحدة اليمن وسيادته، واستقراره وسلامة أراضيه، والحفاظ على المركز القانوني للدولة، وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية “سبأ”.
وثمّن العليمي “وحدة مواقف بلدان السفراء الداعمة للشعب اليمني في أصعب المراحل سياسياً وإنسانياً واقتصادياً”.
وعرض رئيس المجلس القيادة الرئاسي “كافة المساعي والجهود الحميدة التي بذلت طوال الفترة الماضية من أجل التهدئة وخفض التصعيد واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف”، مشيراً إلى أن كل تلك الجهود قوبلت جميعها بالتعطيل، وفقاً لـ”سبأ”.
“حل عادل للقضية الجنوبية”
وأوضح العليمي أنه “بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، حيث تم الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات درع الوطن من 3 مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل”.
وأضاف: “شكّلنا لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، لكن هذه الجهود للأسف قوبلت أيضاً بالتعطيل والإصرار على المضي في الإجراءات الأحادية”.
وشدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على أن “هذا يؤكد أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلاً متعمداً لها”. وفنّد “السرديات المضللة الهادفة إلى تبرير فرض أمر واقع بالقوة، تحت مزاعم مكافحة الإرهاب”، مؤكداً أن “مكافحة الإرهاب هو قرار دولة، وليس ذريعة سياسية”.
وأشار إلى أن “المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية حققت خلال السنوات الأخيرة، بدعم شركائها، إنجازات موثقة في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية، ومكافحة تهريب السلاح والمخدرات”.
وتابع: “بالتالي لا يمكن استخدام ملف الإرهاب لتبرير تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، أو تقويض مؤسساتها الشرعية”.
وجدد العليمي التأكيد على “الموقف المبدئي والثابت من حل القضية الجنوبية، حلاً عادلاً وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة”، لكنه أكد “الرفض بشكل قاطع، فرض هذا الحل بقوة الأمر الواقع، أو السلاح”.
وقال إن “اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها، ويقوض فرص الحل السياسي المستدام، ويضر بأبناء الجنوب قبل غيرهم”.
وأوضح أن “هذا الموقف يتطابق مع ما أكده أشقاؤنا في المملكة العربية السعودية بأن القضية الجنوبية قضية عادلة لها أبعادها التاريخية والاجتماعية، ولا تحل إلا على طاولة الحوار ضمن حل سياسي شامل”.
وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن “أولويات المجتمع الدولي لحماية مصالحه في المنطقة، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والعيش الكريم، ستكون في خطر مع وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة”، حسب تعبيره.
ولفت إلى أن “أي اضطراب في حضرموت والمهرة يعني تعطيل تصدير النفط، وتعثر دفع المرتبات، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وتقويض الثقة مع مجتمع المانحين”.
الدور الإماراتي
وتطرق العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة التي شهدتها المحافظات الشرقية، قائلاً: “نحن لا ننكر الدور السابق لدولة الإمارات، ولا مساهماتها في مراحل سابقة”، لكنه شدد على أن “ما نحتاجه اليوم هو الوضوح، والنأي بالنفس عن دعم مكوّن خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية”.
وأوضح أنه “عندما يعلن تحالف دعم الشرعية الذي نحن جزء منه، أن هناك ضغطاً إماراتياً لدفع قوات محلية للتحرك عسكرياً، وأن ذلك يشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، ويتعارض مع الأسس التي قام عليه التحالف، فإن من واجبي كرئيس دولة عضو في الأمم المتحدة أن أتعامل مع هذا الأمر بأقصى درجات الجدية والمسؤولية”.
وأردف: “بالتالي فإن طلب مغادرة القوات التي خرجت عن أساسيات التحالف مطلب سيادي طبيعي، لا يستهدف العلاقات، ولا ينكر التاريخ، بل يحمي فكرة التحالف نفسها”.
العليمي: اليمن أمام مفترق طرق
وجدد العليمي “التحذير من أن تحوّل الجماعات المسلحة إلى سلطات موازية، خطر لا يمكن السيطرة عليه لاحقاً”، مؤكداً أن “اليمن اليوم أمام مفترق طرق إما دولة واحدة بقرار واحد، أو فوضى مفتوحة لن تتوقف عند حدودنا”.
وطالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي “الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن بموقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية، وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من سلطاتها الحصرية، وترجمة قرارات هذا اليوم داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية، وفق القانون الدولي”.
واختتم العليمي حديثه قائلاً: “إذا سقط منطق الدولة في اليمن، فلن يبقى استقرار يمكن الاستثمار فيه، لا في الجنوب ولا في الشمال”، مؤكداً أن “مسؤولية الجميع هي منع تحويل اليمن إلى نموذج آخر لتفكك الدولة، ووضع حد لمعاناة شعب أنهكته الحرب، ويستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة”.

