في لقاء مع مجموعة من الصحافيين الأجانب بمقر رئاسة الوزراء العراقية صباح الاثنين، شاركت فيه «الشرق الأوسط»، تحدث رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني عن الكثير من القضايا المتعلقة بالانتخابات التشريعية وطموحاته الإصلاحية التي يرغب في تنفيذها خلال المرحلة المقبلة والجهات السياسية التي يمكن أن يتحالف معها لتشكيل الحكومة المقبلة.
كذلك تطرق السوداني إلى العلاقات مع الولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترمب، وخطط إنهاء وجود قوات التحالف الدولي لمكافحة داعش بعد التغييرات السياسية في سوريا، وأسباب توثيق العلاقات العراقية مع تركيا وقطر.
وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن تقدم 6 نواب شيعة لأول مرة بشكوى ضد السوداني إلى المحكمة مطالبين بالتحقيق في مزاعم مخالفات انتخابية منها استغلال رئيس الوزراء منصبه في أغراض انتخابية، وهو الأمر الذي اعتبرته دوائر سياسية انشقاقاً غير مسبوق في وحدة الصف الشيعي، وخروجاً عن الخط الأحمر الذي وضعته قوى الإطار التنسيقي فيما يتعلق برئيس الوزراء، قلّل السوداني من تداعيات هذه الشكوى، مشيراً إلى أن من حق النواب التقدم بشكوى للقضاء وللسلطات القضائية البت فيها.
انسحاب التيار الصدري
أبدى السوداني إحباطه من انسحاب التيار الصدري من الانتخابات وقال: «بذلنا محاولات حثيثة لإقناع التيار الصدري بالعدول عن قرار مقاطعة الانتخابات»، لافتاً إلى أنه سيسعى لتفاهمات وتحالفات مع أكبر الكيانات السياسية التي ستفوز في الانتخابات لتشكيل الحكومة الائتلافية المقبلة.
وغير انسحاب التيار الصدري الكثير من قواعد اللعبة الانتخابية، بعد إعلانه عدم المشاركة بالانتخابات التي وصفها بأنها «ملوثة بالفساد والطائفية»، ما أفقد المعركة الانتخابية قوة شيعية ذات ثقل، وأفسح المجال لتعزيز نفوذ خصومه السياسيين في ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ومحاولات التيارات اليسارية إبرام تحالفات لاستغلال الفراغ الذي تركه انسحاب التيار الصدري.
وحول أقرب الجهات السياسية التي يمكن أن يتحالف معها السوداني وائتلاف الإعمار والتنمية، قال: «لم تستطع أي كتلة سياسية تحقيق أغلبية نيابية بأكثر من 168 مقعداً وهو ما يستدعي حواراً وتفاهماً لتشكيل أغلبية تعطي أريحية في اختيار الشركاء ومعايير تشكيل الحكومة لما يمكننا من اتخاذ قرارات مهمة».
وأثنى السوداني على توجهات الفصائل المسلحة لتعزيز مشاركتها السياسية وقال: «أي جناح عسكري يتحول إلى سياسي يعد مؤشراً إيجابياً بعد انتهاء كل المبررات التي كانت تسوق لها هذه الفصائل من وجود قوات أجنبية على الأراضي العراقية».
وحول شعار «العراق أولاً» الذي تروج له بعض التيارات السياسية العراقية، أشار رئيس الوزراء إلى أن الشعب العراقي يملك مشروعاً سياسياً يضع مصلحة العراق أولاً ولا يريد أن يكون العراق ساحة للصراع.
ورحّب رئيس الوزراء بقرار إدارة الرئيس ترمب تعيين مايك سافايا مبعوثاً للولايات المتحدة إلى العراق بعد فترة طويلة من خلو منصب السفير الأميركي، وقال: «هذه خطوة مهمة لكون الرجل من أصول عراقية وبالتالي لديه فهم لطبيعة العراق».
وانتقد السوداني طريقة التعامل الأميركية مع إيران، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وقال: «دولة مهمة ومحورية وكبيرة ولا بد من التعامل معها باحترام».
القضية الفلسطينية
ووسط تساؤلات حول موقف العراق من حل الدولتين ومشاركة رئيس الوزراء العراقي في مؤتمر شرم الشيخ بمصر وسط قرار البرلمان العراقي بتجريم التطبيع مع إسرائيل، قال السوداني: «لقد شاركنا في مؤتمر شرم الشيخ لدعم خطة الرئيس ترمب لإنهاء الحرب في غزة، ولم نشارك في مؤتمر حل الدولتين الذي أُقيم في نيويورك لأن لدينا قوانين تمنع العلاقات مع إسرائيل ونعتقد ونؤمن بأن الشعب الفلسطيني له الحق في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وهذا الموقف لم يتغير».
وأوضح رئيس الوزراء العراقي أن الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط ترجع جذورها إلى عدم وجود حل جذري للقضية الفلسطينية، ما يعني استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وقال: «استقرار المنطقة سيساعدنا في تحقيق النهوض الاقتصادي المنشود للعراق». وأضاف: «منذ بداية الأزمة في غزة، تجنب العراق التورط في الصراع رغم قيام إسرائيل بانتهاك الأجواء العراقية في استهداف إيران، ورد الفعل الإيراني بتوجيه صواريخ لاستهداف إسرائيل»، وقال: «أبدينا موقفنا بالرفض والاستياء».
العلاقات الخارجية
ورفض السوداني الانتقادات الموجهة لحكومته حول الميل لمحور تركيا – قطر، مؤكداً على قواعد انفتاح العراق على الجميع في العلاقات الخارجية وتوثيق العلاقات وفق المصالح المشتركة. وأشار السوداني إلى تحديات تواجه العراق فيما يتعلق بشح المياه، ما دفع للبحث عن حلول استراتيجية لمواجهة هذا التحدي ومناقشة مشاريع لتحلية مياه البحر بميزانية تبلغ 4 مليارات دولار لتأمين احتياجات 4 ملايين عراقي في مدينة البصرة خلال ثلاث سنوات واعتماد مشروعات الزراعة الحديثة وإبرام اتفاقات مع تركيا حول تنظيم استخدام المياه، وهو الاتفاق الذي تم توقيعه خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى العراق، ويشمل مشاريع للسدود الكبيرة والصغيرة لحصد مياه الأمطار وإنشاء محطات لمعالجة الصرف الصحي.
واكد السوداني وجود تنسيق أمنى مع سوريا وتبادل الوفود الأمنية، مشيراً إلى وجود تحديات أمنية لا تتعلق بـ«داعش» وإنما تتعلق بمكافحة عصابات تهريب المخدرات التي أصبحت تستخدم طرقاً مبتكرة في التهريب، منها استخدام البالون، لافتاً إلى أن حكومته أحبطت محاولة لتهريب 95 ألف حبة كبتاغون كانت في طريقها للأردن.