في الوقت الذي حذّر الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، من محاولات جارية للتلاعب بنتائج الانتخابات، خصوصاً في مقاعد «الكوتا»، تلقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات 36 طعناً عقب إعلان النتائج النهائية يوم السبت الماضي.
وجاء تحذير الحزب «الديمقراطي الكردستاني» على خلفية مساعٍ تبذلها جهات سياسية، بما في ذلك المحافظات المختلطة (شيعياً وكردياً وسنياً) مثل ديالى وواسط، فضلاً عن بعض مناطق المحافظات المتنازع عليها بموجب الدستور، وهي كركوك ونينوى وصلاح الدين، بهدف التأثير على المقاعد المخصصة للمسيحيين والكرد الفيليين. وعدّ الحزب هذه المحاولات «مرفوضة تماماً»، محذراً من اتخاذ موقف سياسي جاد إذا ما جرى التلاعب أو تغيير النتائج التي أعلنتها المفوضية.

إلى ذلك، أكد الدكتور رائد فهمي، سكرتير الحزب «الشيوعي العراقي» والقيادي في التيار المدني، أن «الانتخابات افتقرت وبشكل صارخ وغير مسبوق إلى مقومات العدالة والحدود الدنيا من التكافؤ». وقال فهمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المال السياسي استخدم في هذه الانتخابات بشكل مفرط من قبل القوى والأحزاب القابضة على المال والسلطة والسلاح؛ حيث جرى شراء الأصوات بصورة مكشوفة وعلى نطاق واسع، من دون اتخاذ إجراءات رادعة».
وأضاف فهمي، وهو أحد المرشحين الخاسرين في الانتخابات، أن «من أبرز الأسباب التي أدّت إلى خسارة التيارات والقوى المدنية هو قانون الانتخابات نفسه، ونظام (سانت ليغو)، فضلاً عن استخدام موارد الدولة بشكل غير مسبوق من قبل مرشحين يشغلون مواقع عليا، إضافة إلى أحزاب تمتلك أذرعاً مسلحة، في مخالفة صريحة لما نص عليه قانون الانتخابات».
وأوضح فهمي أنه «إلى جانب ذلك، يجب الإقرار بأن القوى المدنية، بما فيها (الحزب الشيوعي)، لم تنجح في إقناع الجمهور العازف والمقاطع للعملية الانتخابية، وقد يعود ذلك إلى مجموعة من العوامل التي تخضع حالياً للدراسة».
وعن سبب عدم خوض التيار المدني الانتخابات ضمن تحالف موحد، قال فهمي إن «التيار المدني يتكون من قوى وأحزاب وجمعيات وشخصيات ثقافية وأكاديمية وحركات، وقد جرت بالفعل محاولات لتوحيد الجهود، وما زلنا نعمل على ذلك، رغم استمرار وجود صعوبات تتمثل في تعدد مراكز القرار، وعدم تقديم تنازلات متبادلة لتجاوز الاعتبارات الذاتية وغيرها من العوامل الأخرى».
جدل الولاية الثانية
في الأثناء، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني رغبته في تولي رئاسة الحكومة المقبلة، عادّاً أن الحصول على ولاية ثانية ليس طموحاً شخصياً بقدر ما هو استحقاق انتخابي ناتج عن فوز كتلة «الإعمار والتنمية».
وقال السوداني، خلال مشاركته في ندوة حوارية على هامش منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط بدورته السادسة، الذي تنظّمه الجامعة الأميركية في دهوك، إن «نتائج الانتخابات لم تكن في أي دورة سابقة هي الفيصل والحاكم في تشكيل الحكومة». ورغم تأكيده أنه لا يزال جزءاً من «الإطار التنسيقي» الشيعي، أوضح أنه «سيباشر الحوارات مع باقي الكتل السياسية للتأسيس للاستحقاقات الدستورية وتشكيل الرئاسات، وهو المسار الذي نؤمن به».
وأضاف السوداني، الذي تحوّلت حكومته إلى حكومة تصريف أعمال يومية، أن «مسألة الولاية الثانية ليست طموحاً شخصياً بقدر ما هي استعداد لتحمل المسؤولية واستكمال المشروع الذي بدأناه، والمنجز المتحقق على الأرض، وفوز مستحق للكتلة التي حصدت المرتبة الأولى في هذه الانتخابات، وهي كتلة الإعمار والتنمية، إضافة إلى ما نمتلكه من مشروع للمرحلة المقبلة».
وجدّد السوداني رغبته في تولي رئاسة الوزراء ولاية ثانية، غير أن «ائتلاف دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ينفرد برفض التجديد للسوداني لولاية ثانية دون باقي قوى «الإطار التنسيقي».
وقال القيادي في الائتلاف علاء الحدادي، في تصريح صحافي الأربعاء، إن «كل كتلة داخل (الإطار) تمتلك طموحاً بأن يكون مرشحها هو رئيس الوزراء، إلا أن السياق العام داخل (الإطار) يقوم على التشاور والمداولة، وليس على فرض الإرادات».
وأوضح أن «اعتراض أي طرف رئيسي داخل (الإطار) على مرشح ما قد يؤدي إلى استبعاده، لأن الهدف الأهم هو الحفاظ على وحدة (الإطار) وقابليته السياسية، وتجنب طرح شخصية مثيرة للجدل».

من جهة ثانية، أعلن الكرد تمسّكهم بمنصب رئيس الجمهورية، في وقت أبدت قيادات سنية رغبتها في أن يكون المنصب هذه المرة من نصيب عربي سنّي، مقابل تسلُّم الكرد رئاسة البرلمان.
وفي السياق نفسه، شدّد وزير الخارجية العراقي والقيادي في الحزب «الديمقراطي الكردستاني»، فؤاد حسين، في تصريح صحافي على أن «منصب رئيس جمهورية العراق المقبل من حصة الكرد، وسيبقى كذلك».

