اشار الرئيس فؤاد السنيورة الى أن “هناك اتفاقاً أجمع عليه اللبنانيون، وهو اتفاق الطائف القائل بحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. وأنّ هناك قرارات دولية التزم لبنان بتنفيذها والتقيد بها، ومن ذلك القرار 1701. وأنّ هناك موقفاً لبنانياً عارماً يطالب بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. وأنّ هناك مصلحة اكيدة للبنان في ان تستعيد دولته سلطتها الحصرية على كامل الاراضي اللبنانية وعلى كامل مرافقها وعلى قرارها الحر، ولاسيما قرار الحرب والسلم. وأنّ هناك موقفاً واضحاً وصريحاً اتخذه رئيس الجمهورية في خطاب القسم. كما أنّ هناك موقفاً حازماً اتخذته الحكومة اللبنانية أيضاً في البيان الوزاري الذي حصلت، وعلى اساس منه، على الثقة من مجلس النواب. كما أن هناك أيضاً حقيقة ثابتة بان هذا السلاح الذي بيد حزب الله الذي أثبتت المعارك العسكرية التي حصلت خلال الفترة الماضية أنه لم يعد يثبت جدواه، ولاسيما في ضوء التطورات الاستخباراتية والتكنولوجية التي أصبحت تمتلكها وتستعملها إسرائيل، والتي يتبين منها السيطرة الكاملة التي باتت لدى إسرائيل على الأجواء اللبنانية. ولاسيما وتحديداً منذ أن جرى التوصل الى التفاهمات الجديدة لتطبيق القرار 1701 في 27 نوفمبر من العام 2024 برعاية من الولايات المتحدة وفرنسا. حيث ثبت وبشكلٍ قاطع، أن هذا السلاح الذي يمتلكه حزب الله، لم يقدم الحماية للبنان ولا تمكن من ردع اسرائيل عن القيام بهجومها وتعدياتها على لبنان. ولذلك، فإنّ هذا الوضع أصبح يقتضي من لبنان واللبنانيين ومن حزب الله، أن يجري التعامل مع هذه الأوضاع المستجدة بطريقة جديدة. إذْ لم تعد تجدي محاولات الإنكار من جهة أولى. كما لم يعد يجدي التسويف والتقاعس عن القيام بما هو واجب القيام به من جهة ثانية”.
وعن جلسة الثلاثاء قال: “انّ هذه المعطيات موجودة ومعروفة، ولكن ما نواجهه الآن هو نوع من المكابرة ومن الانكار من قبل حزب الله وبعض بيئته. نحن الآن على موعد يوم الثلاثاء القادم لانعقاد جلسة مجلس الوزراء، والتي ستعقد برئاسة فخامة الرئيس. ولهذا، فإني اعتقد ان هناك ضرورة أن يصار الى التوصل إلى اتخاذ قرار إجماعي من قبل الحكومة اللبنانية إن أمكن، ويكون أيضاً بشكلٍ واضح في هذا الشأن. المسألة التي يجب ان تقوم بها الحكومة اللبنانية هي في اتخاذ القرار الحازم والصحيح، والذي يقضي بحصرية السلاح. وبالتالي أن يكون التنفيذ متسماً بالحكمة وبالحزم في آنٍ معاً. وأعني بالحكمة ان يصار الى التدرج ضمن خطة محددة ومبرمجة من أجل تطبيق هذا القرار بحيث ينضوي حزب الله تحت لواء الدولة وبشروط الدولة. كما أنَّ المقصود من الحزم أن يبدأ تنفيذ هذه القرارات بشكلٍ واضح، وبما يحمي لبنان، ويدرأ عنه الكثير من المخاطر التي يمكن ان تحصل إذا استمر التلكؤ عن القيام بما فيه مصلحة للبنان. هناك، كما قلتُ، من لا يزال يكابر ولا يزال يمانع في هذا الشأن. من الطبيعي أن هذه المكابرة والممانعة ليس فيها مصلحة لا للبنان ولا اللبنانيين، وكذلك لا مصلحة لبيئة الحزب في ذلك. فقاعدة الحزب بدأت تدرك وتعرف تمام المعرفة بأنّ لبنان لا يمكنه على الاطلاق من أن يتقدم على صعيد استعادة سيادته واستقلاله واستقراره الوطني والسياسي والاقتصادي، ولا أيضاً تدبير التمويل اللازم للجيش اللبناني ولقوى الامن الداخلي اللبناني من اجل تمكينها من تحقيق حماية لبنان. ولبنان ليس بإمكانه أن يصار الى الحصول على المساعدات التي يحتاجها، والتي تمكنه من ان يقوم بعملية اعادة الاعمار. كما أنّ لبنان لا يستطيع أن يحقق ما يسهم في تمكين المودعين اللبنانيين من استعادة القسم الوافر من مدخراتهم في المصارف من دون استعادة الدولة اللبنانية لسلطتها الكاملة، واستعادة النمو لاقتصاده الوطني والسلامة لماليته العامة. هذه الأمور ينبغي أن يصار إلى توضيحها للبنانيين بصراحة وبشجاعة بعيداً عن إرغامات الأساليب الشعبوية، وأن يتم ذلك من خلال أيضاً برنامج اعلامي تواصلي مع اللبنانيين لشرح هذه المسائل بحكمة وصراحة ووضوح. ولكن، وكما قلت يجب ان يتخذ هذا القرار الحكومي بحصرية السلاح، وأن يطبق بحزم وجرأة لما فيه مصلحة جميع اللبنانيين، وأيضاً لما فيه مصلحة القاعدة الشعبية التي يعيش في كنفها حزب الله”.
وأكد إنَّ “الأكثرية الساحقة من اللبنانيين بمن فيهم مَنْ هم من بيئة حزب الله لهم مصلحة أكيدة في حصر السلاح بيد الدولة، وان كان هناك البعض لا يدرك ذلك كل الادراك. ولهذا يستمر هذا البعض في المكابرة والإنكار. كذلك، ومن جانب آخر، وبدون شك، أنّ هناك أطرافاً عديده كانت على علاقة جيدة مع حزب الله، وكانت تؤيده، ولكنها انفضَّت من حوله. مثلاً السيد وليد جنبلاط واللقاء الديمقراطي، وأيضاً التيار الوطني الحر، وإن كان لهذا التيار موقف مائع بهذا الشأن، علماً أنَّ القاعدة الشعبية لهذا التيار ترغمه على ان يتخذ قرارا واضحا من أجل حسم مسألة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. إذاً هناك من كان يلتف من حول حزب الله، والآن بدأ ينفصل عنه.
أيضاً هناك مثلاً الرئيس بري الذي بدأ يظهر بعض التميز عن حزب الله في هذا الصدد. وفي الاتصالات التي كانت لي مؤخراً مع الرئيس بري، فقد ذكرت أمامه بشكلٍ واضح خلال زيارتي الأخيرة له مع وفد من مجلس العلاقات العربية والدولية قبل أسبوعين وبكلام واضح، عندما سألته أنه قد آن الاوان لحسم هذه المسألة الأساسية بشأن حصرية السلاح بشكلٍ واضح بيد الدولة اللبنانية، وللالتزام بشأنها أمام اللبنانيين وامام المجتمعين العربي والدولي، وذلك بأن هناك حاجه لتسليم هذا السلاح الى الدولة اللبنانية. هو قال أنّ العقبة الأساسية أمام الحل تكم في انسحاب إسرائيل من النقاط التي احتلتها مؤخراً، وفي وقف اعتداءاتها على لبنان. وعندها تصبح الأمور ممكنة أمام الحل. فإنّه على استعداد ان يتبنى عملية تسليم السلاح للدولة اللبنانية. هذا الموقف ينبغي ان يصار الى البناء عليه من أجل استيلاد حالة شعبية كبيرة واضحة داعمة لهذا الموقف. كذلك من خلال القيام باتصالات ثنائية من اجل ايصال هذه الرسالة الواضحة للحزب وبيئته في أنّه لم يعد هناك مكان للمراوغة ولا لتضييع الوقت، وان الوقت بدأ ينفد من أمام لبنان في ظل هذه المخاطر الكبرى التي تتجمع من حول لبنان”.
أضاف: “في الحقيقة، أن هناك مسؤولية كبرى تقع على كاهل المسؤولين اللبنانيين، وهناك مواقف واضحة وحاسمة وحازمة ينتظرها منهم الشعب اللبناني الذي بات يدرك أن الخروج من هذه المآزق الكبرى التي تعصف بلبنان، وأن إنقاذ لبنان لا يمكن أن يتم من دون استعادة الدولة اللبنانية لسلطتها الكاملة على جميع أراضيها ومرافقها واستعادتها لقرار الحر، وكذلك في التأكيد والتنفيذ لحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية ومؤسساتها وأجهزتها الشرعية”.
وقال: “أن إسرائيل تعتدي على لبنان وتحتل جزءاً منه. وهذا أمر يجب أن يتوقف. كذلك، فإنّ تسليم سلاح حزب الله للدولة اللبنانية هو أمر يجب أن يتم، وفي ذلك خدمة لمصالح جميع اللبنانيين. ولذلك أرى أنه يجب أن تتوقف محاولات المراوغة والامتناع عن بت الأمور بشكلٍ واضح. الحزب يقول انهم ليسوا على استعداد لتسليم سلاح الحزب لإسرائيل. من قال انه سيصار إلى تسليم هذا السلاح الى إسرائيل؟ هذا السلاح يجب أن يسلّم الى الجيش اللبناني وان هذه هي الوسيلة الوحيدة التي يستطيع من خلالها لبنان أن يستعيد صدقيته مع أبنائه اللبنانيين أولاً، ومع المجتمعين العربي والدولي. وبذلك يمكن للبنان أن يحصل بالتالي على كل الدعم اللازم السياسي والعسكري والمادي والاقتصادي من المجتمعين العربي والدولي من اجل تعزيز قوى الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي وايضا من اجل تمكين لبنان من ان ينهض ويستعيد قدرته على النمو وان يستعيد قدرته على إعادة البناء للمناطق التي دمرتها إسرائيل. إذا هذه الاعذار التي يقدمها حزب الله وبعض المدافعين عنه لم تعد مقبولة لدى المجتمع اللبناني. وبالتالي، فإنّه يجب ان يصار الى توضيح هذه الأمور بوضوح وشجاعة للبنانيين وللسير قدماً، وبعملية مستمرة خطوة خطوة من اجل التقدم على مسار تسليم سلاح حزب الله الى الجيش اللبناني. هذا، وفي الوقت ذاته، وبالتلازم مع جهود المطالبة والضغط عبر الأشقاء والأصدقاء من أجل أن يحصل التساوق مع ذلك لجهة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وفي تحقيق انسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها في لبنان، وأيضاً من أجل تسلّم إسرائيل الأسرى اللبنانيين، ومن أجل أن يتم التقدم على مسارات البدء بعملية الإعمار والدعم للجيش اللبناني وللقوى الأمنية اللبنانية”.
وختم السنيورة: “لذلك أعود هنا للتذكير بالمواقف التي اتخذها فخامة الرئيس في هذا الشأن، والتي استبق فيها اجتماع يوم الثلاثاء القادم، وذلك بأنه كان واضحاً بقوله انّ هناك خطراً كبيراً يمكن أن يقع على لبنان ويجب ان نتعاون جميعاً من أجل مواجهته وبالتالي تجنبه. وهنا اريد ان اكون واضحا أيضا في حديثي أمام اللبنانيين، وكذلك أمام بيئة حزب الله، بأن لبنان أقوى ما يكون بوحدة أبنائه وتضامنهم في تحقيق مصالحهم الكبرى. ومن ذلك تحقيق انسحاب إسرائيل من لبنان، وهذا ما يمكن لبنان من استعادة نهوضه. لبنان القوي عندما يُحترم الدستور، ويُحترم اتفاق الطائف، وتُحترم قرارات الشرعيتين العربية والدولية، وعندما يستعيد ثقة أبنائه وأشقائه وأصدقائه. وبالتالي ليس لدي اي شك على الاطلاق بان لبنان قادر على ان يجبر إسرائيل، من خلال موقفه الواحد الموحد ومن خلال علاقاته القوية والثابتة مع اشقائه وأصدقائه، على فرض انسحاب إسرائيل من جميع الاراضي التي تحتلها إسرائيل في لبنان. وأيضاً في ما ينبغي أن يقوم به لبنان من خطوات لازمة لبناء علاقات صحيحة وثابتة مع الشقيقة سوريا، ومن ذلك ترسيم الحدود بينه وبين سوريا، وذلك من أجل توضيح الموضوع المتعلق بمزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي ينبغي أن يصار إلى تحديد لمن تعود السيادة عليها، وهل هي تقع تحت ظل القرار 242 او تحت القرار 425 الصادرين عن مجلس الامن الدولي”.
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام
