
من المعلوم أن الانقسام السياسي الموجود في لبنان يجعل من إقرار أي قانون أو إصلاح يشوبه الكثير من التحديات. من بين القوانين المطروحة على طاولة النقاش، يبرز قانون العفو العام كأحد المواضيع المثيرة للجدل، والذي عادةً ما يُثار مع اقتراب موعد أي استحقاق.
وبينما تكثر التساؤلات حول مدى إمكانية إصداره في الأشهر القليلة التي تسبق الانتخابات النيابية في العام المقبل، يبقى السؤال: هل سيكون هذا القانون حلاً، أم محاولة لاحتواء غضب الناس؟
إن قانون العفو العام كان ولا يزال مطلبًا من قبل العديد من القوى السياسية والجماعات الحقوقية، التي ترى فيه وسيلة لفتح صفحة جديدة من المصالحة الوطنية بعد سنوات من الانقسام الداخلي. لكن، في ظل الوضع السياسي الحالي، يبدو أن إقرار هذا القانون ليس بالأمر السهل، فالأزمة السياسية التي يمر بها لبنان، وتعدد المصالح بين القوى السياسية، تجعل من هذا القانون ساحة للصراع السياسي أكثر من كونه خطوة نحو المصالحة.
فالتيارات السياسية المتنوعة في لبنان، من أحزاب وقوى مدنية، تتباين آراؤها حول مضمون هذا القانون، فالبعض يراه وسيلة لتخفيف العقوبات عن السجناء الذين يواجهون اتهامات تتعلق بالمخدرات أو القتل أو قضايا فساد، بينما يعتبر البعض الآخر أنه سيفتح الباب أمام الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب أو المسؤولين عن تجاوزات خطيرة خلال فترات سابقة.
وعلى الرغم من وجود توافق على ضرورة إصلاح النظام القضائي، إلا أن الانقسام حول العفو العام يعكس التوترات بين القوى السياسية المختلفة، وهذا الواقع يزيد من تعقيد الملف التشريعي في البرلمان، حيث يُستبعد تمرير أي قانون قد يثير نقاشات قانونية معقدة أو يعارضه جزء من السلطة السياسية.
أما فيما يخص الانتخابات النيابية المقبلة، فإن العديد من السياسيين يرون أن إقرار قانون العفو العام قد يكون له أبعاد انتخابية، حيث يحاول بعض الأطراف استمالة الناخبين عبر تقديم هذا القانون كدليل على الاهتمام بحقوق الإنسان. ولكن هل يمكن أن يتم التوصل إلى توافق حول هذا الموضوع في الأشهر المتبقية قبل الانتخابات؟ هذا يبقى أمرًا مشكوكًا فيه، فإقرار قانون العفو قبل الانتخابات قضية معقدة وتحمل في طياتها تداعيات سياسية وقانونية كبيرة. ورغم الضغوط والمطالب الشعبية، فإن التحديات السياسية واللوجستية قد تجعل من هذا القانون حلمًا بعيد المنال في المستقبل القريب.

