
تفاقمت حدّة الخلافات السياسية داخل مجلس النواب اللبناني خلال الجلسة التشريعية امس، بعد اندلاع سجال حاد حول اقتراح القانون الذي يتيح للمغتربين اللبنانيين الاقتراع لـ128 نائبًا في الانتخابات النيابية المقبلة، بدلًا من تخصيص 6 مقاعد لهم كما ينص عليه قانون 2017. بعدما رفض رئيس المجلس نبيه بري إدراج الاقتراح على جدول أعمال الجلسة، ما دفع بنواب الكتائب و”القوات” وعدد من التغييرين الى مغادرة الجلسة ظناً منهم بأن هذا الخروج سيفقد النصاب وبالتالي تطير الجلسة، غير ان رياح المجلس جرت على عكس ما يشتهون، فبقي النصاب مؤمنا، لا بل بعض نواب التغيير عادوا الى القاعة العامة وشاركوا في مجريات الجلسة وكان شيئا لم يكن، وبذلك يكون السحر قد انقلب على الساحر.
الاقتراح، الذي حمل توقيع أكثر من 68 نائبًا، طُرح كقانون معجّل مكرّر من قبل كتل “القوات اللبنانية”، “الكتائب”، “اللقاء الديمقراطي”، وعدد من نواب “التغيير” والمستقلين. ينص على تعديل آلية اقتراع المغتربين، عبر إلغاء الكوتا المخصصة لهم في الخارج، ومنحهم الحق بالاقتراع لكامل الدوائر اللبنانية.
وقد رفض رئيس المجلس رغم الحاح هؤلاء النواب عليه إدراج الاقتراح، معتبرًا أن مساره لا ينسجم مع الأصول التشريعية.
في العمق، يعكس هذا الاشتباك صراعًا سياسيًا وطائفيًا حول مستقبل التمثيل الاغترابي. فبينما ترى قوى المعارضة أن المغتربين يشكلون رافعة تغييرية، تخشى بعض الكتل، لا سيما “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر”، من أن يكون الاقتراع الشامل في الخارج عامل خلخلة للتوازنات الطائفية والسياسية.
ورأت مصادر نيابية أن القوى المتحفظة على الاقتراح تخشى من هيمنة تصويت المغتربين لصالح قوى معارضة أو مستقلة، خصوصًا في ظل تراجع شعبية الأحزاب على حد تعبيرها في صفوف الجاليات اللبنانية.
الجلسة التي ستستأنف عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم لمناقشة باقي بنود جدول الاعمال ، كان يفترض أن تكون تشريعية روتينية تحوّلت إلى ساحة مواجهة سياسية، ومع احتدام الصراع حول قانون الانتخابات وحقوق المغتربين، يبدو أن لبنان يتّجه إلى مزيد من الانقسامات السياسية التي هي الآن ليست في محلها.