
مع اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة، يفترض أن تعمّ أجواء الفرح والاحتفال مختلف المناطق اللبنانية. غير أنّ هذه المناسبات، التي يُفترض أن تكون عنواناً للبهجة ولمّ الشمل، تتحول سنوياً إلى موسم حزين بفعل تزايد الحوادث المرورية التي تحصد أرواحاً بريئة وتخلّف عشرات الجرحى، لتضاف إلى سجلّ طويل من المآسي التي أنهكت المجتمع اللبناني.
تشهد الطرقات في هذه الفترة ازدحاماً استثنائياً، يقابله في كثير من الأحيان استهتار بقواعد السير، سواء نتيجة السرعة المفرطة، أو القيادة تحت تأثير الكحول، أو عدم الالتزام بإشارات المرور، فضلاً عن الأعطال الميكانيكية للمركبات وسوء حال البنى التحتية.
هذا الواقع يجعل من التنقل مغامرة يومية، خصوصاً في ساعات الليل حيث تكثر السهرات والاحتفالات،
وفي كل عام، تتكرر المشاهد نفسها.. سيارات محطّمة، عائلات مفجوعة، ومستشفيات تستقبل ضحايا كان ذنبهم الوحيد أنهم سلكوا الطريق في توقيت خاطئ. الأخطر من ذلك أن معظم هذه الحوادث يمكن تفاديها لو طُبقت القوانين بصرامة، ولو سادت ثقافة احترام السلامة العامة.
من هنا، تتعالى الأصوات المطالبة وزارة الداخلية اللبنانية بوضع خطة استثنائية وشاملة خلال فترة الأعياد، ترتكز على تكثيف الدوريات على الطرقات الرئيسية والفرعية، وتفعيل نقاط المراقبة الليلية، ولا سيما في محيط أماكن السهر. كما تبرز الحاجة إلى تطبيق صارم لقانون السير من دون أي تساهل أو استنسابية، بحيث يشعر المخالف أن العقوبة حتمية، لا خياراً يمكن تفاديه.
ولا تقل أهمية حملات التوعية عن الإجراءات الأمنية، إذ من الضروري تذكير المواطنين، عبر مختلف الوسائل، بأن القيادة مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون قانونية، وأن لحظة تهوّر قد تنهي حياة إنسان أو تدمر عائلة بأكملها. فالأعياد لا تبرر المخاطرة، والفرح الحقيقي لا يكتمل على حساب دم الآخرين.
إنّ حماية الأرواح على الطرقات ليست ترفاً ولا إجراءً موسمياً، بل واجب وطني يتطلب إرادة حازمة وتعاوناً بين الدولة والمواطن. فلتكن هذه الأعياد مناسبة لإثبات أن القانون فوق الجميع، وأن السلامة العامة أولوية لا تحتمل التأجيل، لعلّ الطرقات اللبنانية تشهد، ولو لمرة، أعياداً بلا دموع.

