
في تطوّر لافت على صعيد العلاقات اللبنانية–الإيرانية، أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال زيارته الرسمية إلى بيروت امس ولقائه الرؤساء الثلاثة اضافة الى وزير الخارجية، عن “رغبة بلاده الصادقة في فتح صفحة جديدة مع لبنان”، مؤكدًا التزام إيران بـ”الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية”. هذه التصريحات وُصفت بأنها تعكس تحولًا ملحوظًا في اللهجة الإيرانية إزاء لبنان في مرحلة ما بعد التغيرات التي طرأت على المنطقة على اكثر من مسار.
من المعلوم ان علاقات لبنان بإيران كانت قد شهدت في الأشهر الأخيرة توترًا ملحوظًا، خصوصًا بعد حادثة منع طائرات ايرانية من دخول الأجواء اللبنانية إثر تهديدات إسرائيلية، وما تبعها من استدعاء الحكومة اللبنانية للسفير الإيراني في بيروت لتقديم احتجاج رسمي.
ورغم أن عراقجي لم يأتِ في تصريحاته على ذكر حزب الله مباشرة، إلا أن الامتناع عن التطرق إليه فُسّر في الأوساط السياسية اللبنانية على أنه مؤشر ضمني إلى إعادة تقييم إيراني للعلاقة مع لبنان، في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة.
وكان أبرز ما حملته الزيارة دعوة رسمية من إيران لرئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام لزيارة طهران. هذه الخطوة، التي وُصفت بـ”الرمزية” و”الحساسة سياسيًا”، تأتي في ظل توازن دقيق تسعى الحكومة اللبنانية للحفاظ عليه بين علاقاتها العربية والدولية من جهة، وارتباط بعض مكوناتها الداخلية بمحور المقاومة من جهة أخرى.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن قبول أو رفض هذه الدعوة قد يشكل محكًا مهمًا للسياسة الخارجية اللبنانية في الفترة المقبلة، خاصة وأن البلاد تشهد تحوّلات داخلية نحو الحياد الإيجابي، واستعادة العلاقات مع الخليج العربي والدول الغربية.
غير انه ورغم الايجابية التي اتسم فيها كلام عرقجي فان الردود السياسية في لبنان تراوحت بين الترحيب الحذر والتشكيك في النوايا، وذهب البعض الى وصفها على انها مجرّد مناورات إعلامية ما لم تقترن بخطوات فعلية”.
ويبقى السؤال: هل تُترجم التصريحات الإيرانية إلى واقع سياسي جديد؟ أم أنها مجرد تكتيك مرحلي في انتظار إعادة ترتيب أوراق النفوذ في لبنان والمنطقة؟ فلننتظر لنرى.