كشف زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، الاثنين، أن «الدولة الأوروبية» التي قيل إنها موَّلت مشروع المساعدات الغذائية لقطاع غزة ما هي سوى إسرائيل نفسها.
وقال لبيد في كلمة أمام الكنيست: «الحكومة التي اتخذت القرار، ورئيسها بنيامين نتنياهو الذي يخشى قاعدته اليمينية المتطرفة، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي دفع 100 مليون دولار من ميزانية الدولة، والوزير إيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي) الذي غض الطرف، كلهم جبناء أمام جمهورهم، لذلك يختبئون وراء دولة أوروبية لا وجود لها».
وأضاف أنه لو كانت هناك دولة أوروبية تموّل المساعدات لغزة لما تردَّدَت في الإعلان عن ذلك، «فالمساعدات لغزة هي اليوم خطوة مشرِّفة، لأن الصور الصادرة من هناك صادمة ومؤلمة».
وتابع قائلاً: «إسرائيل التي كان يجب أن تتباهى بخطوة إنسانية كهذه، تختبئ ولا تجرؤ على الاعتراف بأنها قدمت هذه المنحة، لأنها عبأت جمهورها بالعداء والكراهية، فماذا تقول الآن؟».
ورأى آخرون في تبرع الحكومة الإسرائيلية بمبلغ المساعدات دليلاً على أنها لم تجد من يقتنع بصدق نياتها، فاضطرت إلى تمويل المساعدات بنفسها.
ويقول البعض إن إسرائيل «تُخرّب» المشروع بسيطرتها عليه عبر شركات وهمية أو صورية، إسرائيلية التأسيس والإدارة لكنها مسجلة كشركات أميركية، يقف على رأسها ضباط سابقون في الأمن الأميركي أو الإسرائيلي.
ويستبعد محللون وخبراء نجاح هذه الشركات في مهمة توزيع المساعدات، ويشيرون إلى استقالة جيك وود، رئيس «مؤسسة إغاثة غزة» الخاصة المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل والمكلفة بتوزيع المساعدات الإنسانية بالقطاع.
وكان وود، وهو جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية والمدير التنفيذي لمؤسسة المطبخ العالمي الحاصل على جائزة نوبل، قد أعلن في بيان أنه استقال لأن المنظمة لم تستطع الالتزام بـ«المبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية، والتي لن أتخلى عنها».
نشاط استخباري
قالت وزارة الداخلية في قطاع غزة إن إسرائيل تتخذ من آلية توزيع المساعدات المزمعة غطاءً للقيام بعمل أمني استخباري في القطاع، وحذرت من أنها تشكل تهديداً مباشراً لعمل المنظمات الدولية.
وذكرت وزارة الداخلية، الاثنين، أن إسرائيل تسعى لتنفيذ مخططها لتهجير الفلسطينيين من خلال «مؤسسة إغاثة غزة»، وقالت: «الآلية الإسرائيلية المرتقبة لتوزيع المساعدات في غزة مرفوضة تماماً، وندعو أبناء شعبنا في القطاع إلى عدم التجاوب معها؛ إذ سيقوم الاحتلال تحت غطاء (مؤسسة غزة) الممولة إسرائيلياً باستخدام توزيع المساعدات في إطار عمل أمني واستخباري، ومحاولة الوصول للمعلومات بتقنيات حديثة».
وأضافت الوزارة: «الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات تتطلب من المواطنين الانتقال لمسافات بعيدة لتسلمها، في إطار سياسات الاحتلال لإعادة توزيع السكان في مناطق قطاع غزة تنفيذاً لخططه من أجل السيطرة على القطاع بالكامل، ومن ضمنها مخطط التهجير الذي ما زال يفشل في تحقيقه».
شكوك وتحقيق
وألقى تحقيقان نُشرا بالتزامن في صحيفتَي «هآرتس» الإسرائيلية، و«نيويورك تايمز» الأميركية، الأحد، بشكوك إضافية على ماهية «مؤسسة إغاثة غزة»، وأشارا إلى أنها إسرائيلية المنشأ، وليست أميركية كما يروج مؤسسوها، بل أفاد التحقيقان بأن مؤسسيها مرتبطون مباشرة بمكتب نتنياهو.
وعلى الرغم من تصريحات السفير الأميركي في تل أبيب، مايك هاكابي، قبل أسبوعين بأنه «من الخطأ التام اعتبار المشروع خطة إسرائيلية»، فقد نقلت «هآرتس» عن مصادر متعددة، بينها مسؤولون إسرائيليون، أن «الخطة هي نتاج هندسة إسرائيلية كاملة من الأساس»، وأن وراء الشركات الأميركية التي تولت العمل، تقف شركات وشخصيات إسرائيلية.
وأكدت الصحيفة أن مَن يدير هذه الشركات شخصيات أمنية وتجارية إسرائيلية، بعضهم مقربون من نتنياهو.
وجاء في التحقيق الصحافي أن «ملامح مخطط التوزيع وُضعت بعيداً عن الاعتبارات الإنسانية والتقيد بالقانون الدولي وقواعد الإغاثة، وأنه حِيك بعيداً عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، عبر شخصيات أمنية سابقة ورجال أعمال، وسط تمويل غامض وانتقادات دولية متصاعدة».