في أعقاب قرار الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، بسبب استمرار حربها المدمرة على قطاع غزة، حذر «المجمع القومي للعلوم والآداب» في تل أبيب من «شرخ قد يعرض العلوم الإسرائيلية لخطر حقيقي».
وبحسب ما ورد في موقع صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن أكثر من 20 جامعة حول العالم تقاطع إسرائيل بسبب الحرب المستمرة والأوضاع الإنسانية في غزة، بالإضافة إلى ازدياد حالات المقاطعة الشخصية للأكاديميين الإسرائيليين.
وهناك تقديرات تشير إلى أن عددها سيتضاعف عدة مرات، إذا نفذ الاتحاد الأوروبي قراره. كما أن هناك قلقاً شديداً من مصير مشاركة إسرائيل في برنامج المنح البحثية التطويري المرموق (هورايزون) التابع للاتحاد الأوروبي.
خطر حقيقي
وقال المجمع، في بيان له، إنه «وفي ضوء التطورات السياسية الأخيرة في الاتحاد الأوروبي، هناك خطر حقيقي يهدد بإلحاق ضرر جسيم بالعلوم الإسرائيلية ومستقبل التعاون العلمي مع دول الاتحاد الأوروبي».
وكما هو معروف، تشارك إسرائيل في برامج البحث والتطوير الأوروبية (Horizon Europe) منذ 25 عاماً، وفقاً لاتفاقيات التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وهذا هو أكبر وأعرق برنامج بحثي وتطويري للتعاون العلمي والصناعي في العالم، وتبلغ ميزانية البرنامج الحالي الذي ينتهي في عام 2027، نحو 95.5 مليار يورو لمدة 7 سنوات.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإن إسرائيل تمتلك رقماً قياسياً من حيث نسبة المنح التي يحصل عليها علماؤها في إطار البحث والتطوير، وبحسب معطيات نشرتها هيئة الابتكار، فقد حصل باحثون وشركات إسرائيلية على أكثر من مليار يورو على هيئة منح بحثية وابتكارية من هذه البرامج في السنوات الأخيرة.
وذكر المجمع القومي للعلوم والآداب أن «إنجازات إسرائيل في البرنامج الأوروبي، خصوصاً في المنح المرموقة التي يقدمها مجلس البحوث الأوروبي، جديرة بالملاحظة مقارنة بحجم المجتمع العلمي الإسرائيلي».
«منح ضخمة»
ويشير تقرير متعلق بالعلوم الإسرائيلية، إلى أنه حتى عام 2022 كان أكثر 60 في المائة من الأبحاث الإسرائيلية المشتركة مع جهات خارجية، مع الدول الأوروبية. ويتراوح متوسط قيمة منحة «هورايزون» للعلماء ما بين مليون ونصف المليون حتى مليونين ونصف المليون يورو.
وقال مسؤول كبير في أكاديمية العلوم: «إنها منح ضخمة، وهو أمر غير شائع على المستوى المحلي. من المستحيل تصور المجال الأكاديمي الإسرائيلي من دون هذا البرنامج».
وأكد أنه «لا بديل عن المنح الضخمة التي يقدمها (البرنامج) ومستوى تنافسيته، فهو يمول أنجح العلوم في العالم، وإذا خرجت إسرائيل منه، فإن العلوم الإسرائيلية لن تتمكن من التقدم، وستكون في خطر حقيقي».
ويشير المجمع القومي للعلوم والآداب إلى أن المخاوف من الأضرار بقناة الدعم الأوروبية تزداد بسبب التطورات المقلقة من جانب الولايات المتحدة، فيما يخص تقليص إدارة الرئيس دونالد ترمب لميزانيات البحث الفيدرالية، وتقليص التعاون مع الباحثين الأجانب، وتجميد المنح الثنائية، والتي بدأت تؤثر سلباً على تمويل الأبحاث الإسرائيلية.
وتوضح هيئة الابتكار الإسرائيلية أن «أي تغيير جوهري في الاتفاقية (مع الاتحاد الأوروبي)، بما في ذلك إخراج إسرائيل منها، يتطلب إجماعاً كاملاً من كل دول الاتحاد الأوروبي الـ27، وكثير من الدول يرى الشراكة مع إسرائيل مكوناً استراتيجياً مهماً وقيّماً»، في حين أن التقدير بإلغاء اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ليس معقولاً في الوقت الراهن، لكن مع ذلك، فإن إقصاءها أو تعليقها من برنامج محدد مثل (Horizon)، يتطلب أغلبية أصغر وهو أمر ممكن.
نظرة مختلفة
وفي السياق، قال رئيس المجمع الإسرائيلي للعلوم والآداب، ديفيد هرئيل، إن «جلسة الاتحاد الأوروبي نفسها ضارة، لأنها قد تؤثر بشكل غير رسمي على اختيار المرشحين ودوافع العلماء الإسرائيليين لتقديم ترشيحاتهم. بمجرد أن تبدأ مناقشة كهذه فإنهم ينظرون إليك بطريقة مختلفة، وإن سياق إعادة النظر واضح».
وأضاف أنه «بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) كان هناك دعم لإسرائيل من كل حدب وصوب، ولكن مع مرور الوقت وفي ضوء المشاهد المقبلة من غزة، فإن ما تفعله إسرائيل يدفع الأوروبيين إلى إعادة النظر في علاقاتهم معها»، مشدداً على أن «المساس بالعلوم الإسرائيلية ستكون له عواقب وخيمة وبعيدة المدى على الحياة في إسرائيل بشكل عام، وعلى أمن الدولة بشكل خاص»، موضحاً أن «القبة الحديدية تعتمد على العلوم التي أجريت هنا لسنوات. إنها ليست هواية للنخبة، بل هي الأساس الذي يعتمد عليه المجتمع بأكمله».
وقالت لجنة التخطيط والتمويل بمجلس التعليم العالي، إن «إلغاء اتفاقيات التعاون بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، ومن ضمنها الاتفاقية التي تنظم مشاركة إسرائيل في برنامج الإطار الأوروبي للبحث والتطوير، سيشكل ضربة قوية للأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، و(يهدد) بخطر التدهور السريع للأبحاث الإسرائيلية. وقد يؤدي إلى تسريع هجرة الأدمغة مع سعي أفضل الباحثين إلى إيجاد موطن أكاديمي آخر يسمح لهم بتطوير إمكاناتهم (…)، وتضر بمحرك النمو الرئيسي لدولة إسرائيل».