طالب زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، تركيا بالتعامل بحساسية أكبر مع سوريا كونها دولة مستقلة، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وإجراء حوار مباشر مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يشكّل الأكراد عمادها الأساسي.
وبينما تتواصل في تركيا خطوات لحل المشكلة الكردية في إطار ما تسميه الحكومة «مبادرة تركيا خالية من الإرهاب»، ويطلق عليها أوجلان والأكراد «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، أبدى زعيم حزب العمال الكردستاني السجين دعماً جديداً لبقاء شمال شرقي سوريا تحت إدارة الأكراد.
جاء ذلك في تصريحات لنائب مدينة شانلي أورفا (جنوب شرقي تركيا) عن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، عمر أوجلان، بعد لقائه مع عمه، عبد الله أوجلان، في محبسه بسجن إيمرالي غرب تركيا في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لافتاً إلى أنه تناول مخاوف تركيا بشأن سوريا.
دعوة للحوار
وفي دعوة للحوار بين تركيا وأكراد سوريا، قال أوجلان، حسب ما نقل عنه قريبه، إن «هناك ضرورة لأن تناقش تركيا مخاوفها مع الأطراف المعنية، وينبغي على الدولة التركية التعامل مع سوريا بحساسية أكبر، كونها دولة مستقلة، ويجب ألا تتدخل كثيراً في شؤونها الداخلية».

وأضاف أنه «إذا أُريد تطوير علاقة فهناك مسؤولون وسياسيون وقادة أكراد هناك، قد يكون مظلوم عبدي (قائد «قسد» التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية والتي تُعد ذراعاً سورية لحزب العمال الكردستاني) المرشح الأفضل، بدلاً من (الرئيس السوري) أحمد الشرع، وقد تكون إلهام أحمد (الرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية -الكردية- في شمال وشرق سوريا) المرشحة الأفضل لإجراء الحوار وتطوير العلاقة».
وتابع أوجلان، حسب ما نقل المصدر نفسه، أن «روج آفا» (مصطلح تطلقه النخبة الكردية على مناطق شمال وشرق سوريا وتقصد به غرب كردستان) مكان تراقبه أعين العالم أجمع، وإذا كانت هناك حساسية ما لدى تركيا يجب إقامة حوار مع مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية (قسد)؛ الحوار مهم. أي شخص يمكنه شن حرب، لكن البناء يتطلّب رؤية».
وذكر أوجلان، حسب ما نقل نجل شقيقه في تصريحات لإحدى الوكالات الكردية نقلتها وسائل الإعلام التركية، الجمعة، أن النظام الذي سيبنيه الأكراد في سوريا يجب أن يهدف إلى التأثير بشكل منهجي على كامل البلاد، وأنه إذا تم فعلاً بناء هذا النظام فستصبح سوريا «دولة صالحة للعيش».

وسبق أن أكد أوجلان، الذي أطلق نداء من محبسه في 27 فبراير (شباط) الماضي لحل حزب العمال الكردستاني ونزع أسلحته والانخراط في العمل السياسي في إطار قانوني ديمقراطي، أن «روج آفا» (شمال وشرق سوريا) هي «خط أحمر» بالنسبة إليه.
وتقول تركيا إن نداء أوجلان يشمل جميع امتدادات حزب العمال الكردستاني، وفي مقدمتها «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تقود «قسد»، فيما أكدت «قسد» على لسان قائدها، مظلوم عبدي، أنها غير معنية بنداء أوجلان.
وتضغط تركيا من أجل حمل «قسد» على الالتزام بتنفيذ اتفاق 10 مارس (آذار) الموقع في دمشق بين الرئيس الشرع ومظلوم عبدي بشأن دمج «قسد» في الجيش والمؤسسات الأمنية في سوريا.
دعم متكرر لـ«قسد»
وينتقد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، الذي يقود الاتصالات بين أوجلان والدولة والبرلمان والأحزاب في تركيا، موقف حكومة أنقرة، مؤكداً أنه «لا يُمكن النظر إلى عملية السلام في تركيا من منظور دمشق، وفي حين نُحقق السلام مع أكراد تركيا، يجب علينا أيضاً أن نُحقق السلام مع أكراد سوريا والعراق وإيران».

ودعا أوجلان -في رسالة سابقة، مؤرخة في 28 يوليو (تموز) بعث بها إلى زعماء ووجهاء العشائر العربية في مناطق الجزيرة ودير الزور والرقة والطبقة بشمال وشرق سوريا- إلى تعزيز روابط الأخوّة مع الأكراد ودعم «قسد» في مواجهة التحديات.
وذكر أوجلان أن «العلاقة التاريخية بين العرب والأكراد تشكّل الضمانة الأساسية لوحدة سوريا واستقرارها»، مشدداً على مشروع «الأمة الديمقراطية» بوصفه إطاراً جامعاً لبناء «دولة آمنة وديمقراطية».
ولفت إلى أن وحدة العشائر العربية ودعمها للأكراد، على أساس نظام الأمة الديمقراطية، له معنى عميق، وأنه بهذه الوحدة ترسي العشائر أساساً تاريخياً جديداً يؤمن بالعلاقة والتحالف بين الشعبَيْن العربي والكردي.

