قبل أيام قليلة من الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والصيني شي جينبينغ، يوم الخميس المقبل، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آسيان) في كوريا الجنوبية، أجرى وزيرا خارجية البلدين ماركو روبيو ووانغ يي محادثات هاتفية أسهمت في ترطيب الأجواء المتشنجة، ودفعت البورصات العالمية نحو تحقيق أرقام قياسية.
وبعيد المحادثة الهاتفية مع نظيره الأميركي، أمل وزير الخارجية الصيني في أن تتمكن الولايات المتحدة من الالتقاء في منتصف الطريق «تحضيراً لتفاعلات رفيعة المستوى» مع الصين، مذكراً بأن الرئيسين شي وترمب تربطهما «علاقات طويلة الأمد ويحترمان بعضهما بعضاً»، وهو ما عدّه «أثمن رصيد استراتيجي في العلاقات الصينية – الأميركية».
ولم يؤكد البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الصينية بشكل مباشر ما إذا كان الزعيمان سيلتقيان. بيد أن البيت الأبيض أعلن سابقاً أنهما سيلتقيان الخميس، علماً بأن الأسابيع الأخيرة شهدت تصعيداً جديداً في الخلافات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم بعد فترة من الهدوء النسبي، مع توسيع بكين قيودها على تصدير المعادن النادرة، مقابل ضغط واشنطن لفرض رسوم موانٍ إضافية على السفن الصينية، مما أثار موجة من الإجراءات المضادة المتبادلة.
والتقى المفاوضون التجاريون من البلدين في ماليزيا بنهاية الأسبوع الماضي لصوغ اتفاقية تجارية إطارية لينظر فيها الرئيسان ترمب وشي، وتشمل قضايا، مثل المعادن النادرة التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين، وصادرات فول الصويا الأميركية إلى الصين، و«تيك توك».
وقال وانغ إن «العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة شهدت بعض التقلبات»، ملاحظاً أن «الجانبين أوضحا مواقفهما وعززا التفاهم» خلال محادثات التجارة في كوالالمبور. وأضاف أن العلاقات الثنائية يمكن أن تتقدم ما دام الجانبان «ملتزمين بحل النزاعات من خلال الحوار، ويتخليان عن ممارسة الضغط».
وكان الرئيس ترمب أعلن في طريقه إلى اليابان، يوم الاثنين، أن الولايات المتحدة والصين على وشك التوصل إلى اتفاقية تجارية. وقال: «سنجري محادثات جيدة للغاية» مع الرئيس شي، مشيداً بعلاقة «الاحترام» التي تجمعهما. وهذا ما أكدته تصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسينت الذي تحدث عن التوصل إلى «إطار عمل» سيناقشه الرئيسان ترمب وشي خلال اجتماعهما المتوقع الخميس.
المفاوضات التجارية

وأمضى بيسينت والممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير الأحد في التفاوض مع كبير المفاوضين التجاريين الصينيين لي تشينغ كانغ، ونائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ في ماليزيا.
وأوضح أن الاجتماعات البناءة مع الصينيين أدت إلى الاتفاق، حيث وافقت بكين على تأجيل القيود المفروضة على المعادن النادرة التي كان من شأنها الإضرار بالاقتصاد الأميركي، وهو ما يعد تهدئة ملحوظة للحرب التجارية المشتعلة بين أكبر اقتصادين في العالم، التي احتدمت عندما هدد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية رداً على القيود الصينية على المعادن التي تشمل مكونات أساسية في معظم الأجهزة الإلكترونية.
وقال على شبكة «إن بي سي» إن «الرئيس ترمب منحني نفوذاً تفاوضياً كبيراً من خلال التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة، وأعتقد أننا توصلنا إلى إطار عمل جوهري للغاية سيتجنب ذلك، ويسمح لنا بمناقشة كثير من الأمور الأخرى مع الصينيين».
وكذلك أشار عبر شبكة «إيه بي سي» إلى أن الصين ستؤجل القيود لمدة عام تقريباً، رغم أن البيانات الصينية لم تتضمن أي تفاصيل حول تأجيل قيود المعادن النادرة. كما أفاد بأن البلدين أحرزا تقدماً في صفقة لتخفيف معاناة المزارعين الأميركيين بسبب مقاطعة الصين لفول الصويا المزروع في الولايات المتحدة.
وأضاف أنه جرى التوصل إلى «اتفاق نهائي» في شأن «تيك توك»، الذي وعد ترمب بإعادة هيكلته لتجنب حظر تطبيق التواصل الاجتماعي الشهير في الولايات المتحدة، علماً بأن الكونغرس أصدر الحظر، ووقعه الرئيس السابق جو بايدن، لمعالجة مخاوف الأمن القومي المتعلقة بالشركة الصينية الأم المالكة للتطبيق «بايت دانس».
ووقّع ترمب الشهر الماضي اتفاقاً يتيح بيع التطبيق لمجموعة من المستثمرين الأميركيين، وبينهم بعض أبرز حلفائه السياسيين. كما ستعمل الدولتان معاً لمعالجة وباء الفنتانيل، الذي يصفه ترمب بأنه حالة طوارئ، واستخدمه ذريعة لفرض رسوم جمركية إضافية على الصين.
الأسواق العالمية

وانعكست هذه الأجواء الإيجابية فوراً على مؤشرات الأسهم عبر العالم، إذ ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.8 في المائة، ومؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 210 نقاط، أي 0.4 في المائة في التعاملات الصباحية بالأسواق الأميركية، ومؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 1.3 في المائة.
وكان مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفع بنسبة مذهلة بلغت 37 في المائة، منذ أن وصل إلى أدنى مستوى له في أبريل (نيسان) الماضي، عندما بلغت المخاوف بشأن رسوم ترمب الجمركية على الصين ودول أخرى ذروتها. وإلى جانب الآمال في تخفيف التوترات التجارية، بُني هذا الارتفاع أيضاً على توقعات بحدوث أمور أخرى، أحدها أن مجلس الاحتياط الفيدرالي سيواصل خفض أسعار الفائدة لدعم سوق العمل المتباطئة.
وكذلك ارتفعت الأسهم بنسبة 1.2 في المائة بشنغهاي، و1 في المائة بهونغ كونغ. وارتفعت أكثر في طوكيو، حيث قفز مؤشر «نيكاي 25» بنسبة 2.5 في المائة، وفي سيول، حيث ارتفع مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 2.6 في المائة.
وفي سوق السندات، استقر عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.02 في المائة، وهو مستواه نفسه في أواخر تعاملات يوم الجمعة.

