شهد الاتحاد الأوروبي زيادةً في اهتمام الأكاديميين الأميركيين المتقدمين للحصول على منح، إذ يتطلع الباحثون الأميركيون عن خيارات في الخارج، رداً على هجمات الرئيس دونالد ترمب مؤخراً على قطاع التعليم العالي، بحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وتلقى الاتحاد الأوروبي عدداً قياسياً من الطلبات للحصول على منح البحث والابتكار الرئيسية هذا العام، بما في ذلك زيادة ثلاثة أضعاف في عدد الطلبات الأميركية لصندوق رئيسي مقارنةً بعام 2024.
وشملت هجمات ترمب على التعليم العالي تخفيضات في التمويل وقيوداً على الحرية الأكاديمية، ما أدى إلى مبادرات من دول أخرى لجذب الباحثين إلى الخارج.
وألغت إدارة ترمب مليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي للأبحاث المُقدمة للجامعات الأميركية هذا العام، سعياً منها إلى تخفيضات عامة في الميزانية وإلغاء المنح المتعلقة بموضوعات مثل التنوع وتغير المناخ التي تعتبرها غير متوافقة مع سياساتها.
وجمدت التمويل كوسيلة للضغط على المؤسسات الأكاديمية، وعلى رأسها جامعة هارفارد، لإصلاح حوكمتها وتعزيز “تنوع وجهات النظر” في الحرم الجامعي، ما دفع العديد من الأكاديميين والطلاب إلى البحث عن أماكن في دول أخرى.
كما فرضت شروط إفصاح أكثر صرامة على الجامعات في الخارج التي تتلقى تمويلاً فيدرالياً أميركياً، بما في ذلك التدقيق في التمويل الإضافي من دول أخرى، وضوابط الملكية الفكرية.
طلبات أميركية بالآلاف
وبلغت طلبات الالتحاق بمجلس البحوث الأوروبي (ERC)، وهو منظمة الاتحاد الأوروبي لتمويل البحوث الأساسية، ومبادرة “ماري سكلودوفسكا-كوري” (MSCA)، لأبحاث الدكتوراه وما بعد الدكتوراه، أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2025.
وشهدت منح مجلس البحوث الأوروبي الموجهة للباحثين في بداية مسيرتهم المهنية زيادة بنسبة 22% في عدد المتقدمين مقارنةً بالعام الماضي، مسجلةً رقماً قياسياً بلغ 4807 مقترحات.
وجاء ما يقرب من 250 من هذه المقترحات من خارج أوروبا، بما في ذلك 169 من الولايات المتحدة، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف الرقم المسجل في عام 2024.
وارتفعت طلبات الحصول على منح مجلس البحوث الأوروبي (ERC) التي تستهدف الباحثين ذوي الخبرة بنسبة 31% عن العام الماضي، وبنسبة 82% عن عام 2023.
وفي الوقت نفسه، تلقت زمالات ما بعد الدكتوراه نحو 17 ألف طلب، وهو أكبر عدد من الطلبات لأي مبادرة تمويلية في تاريخ برامج إطار البحث في الاتحاد الأوروبي الممتد لـ 40 عاماً.
وفي الإطار، قالت إيكاترينا زاهارييفا، مفوضة الأبحاث في الاتحاد الأوروبي، في إشارة إلى الوضع في الولايات المتحدة: “بشكل عام، ما حدث ليس إيجابياً. نحن لا نحتفل بما يحدث للعلماء، لكننا نريد أن نوفر لهم فرصاً لمواصلة عملهم”.
ولم تذهب زاهارييفا إلى حد القول إن ترمب يُساعد أوروبا على الفوز في سباق استقطاب المواهب، قائلة: “المنافسة الشرسة تدور حول المواهب، وليس حول التمويل. الجميع يسعى لجذب الموهوبين”، موضحة أن الفكرة كانت البدء بميزانية أولية قدرها 2.5 مليار يورو، على أن ترتفع لاحقاً إلى 5 مليارات يورو.
وبالنسبة للمفوضة البلغارية، يُعدّ الاهتمام المتزايد من الباحثين في أوروبا جزءاً من استراتيجية “اختر أوروبا” التي أُطلقت في مايو الماضي، والتي تهدف إلى مساعدة الشركات المبتكرة على العمل والنمو في الاتحاد.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، عقدت اجتماعاً مع عدد من مستثمري القطاع الخاص لتأسيس صندوق Scaleup Europe، الذي من المقرر أن يستثمر في الشركات الأوروبية في قطاعات استراتيجية، مثل الذكاء الاصطناعي، والتقنيات الكمية، وأشباه الموصلات، والتكنولوجيا الحيوية. ومع ذلك، غالباً ما اضطرت شركات التكنولوجيا الأوروبية تاريخياً إلى اللجوء إلى الأسواق الأميركية للاستثمار.
ويشمل المستثمرون المحتملون من القطاع الخاص شركة “نوفو” القابضة، وصندوق الثروة السيادية الدنماركي EIFO، وصندوق Criteria Caixa الإسباني. ويهدف الصندوق إلى أن يُجري أولى استثماراته في ربيع العام المقبل.

