كتب محمد الساعد في صحيفة عكاظ.
هل تتشابه الأجواء المحيطة باللقاء المرتقب بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع الأجواء التي أحاطت بلقاء الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت العام 1945م.
بلا شك أن الأجواء تكاد تتطابق، فالعالم اليوم -كما كان حينها- يحاول بناء نظام دولي جديد، مثقلاً بتحديات أمنية كبيرة، وتحوّلات اقتصادية عميقة، ومع وجود قوى دولية وإقليمية تسعى أن تكون جزءاً من النظام الدولي القادم، لا أن تكون ضحية له.
مع التأكيد أن الزيارة القادمة وما سيصحبها من اتفاقات دفاعية وسياسية وأمنية ستشكّل العلاقات «السعودية الأمريكية» لمئة عام قادمة، متحصّنة بإرث سياسي واقتصادي يزيد على ثمانية عقود.
عندما جاء الملك عبد العزيز آل سعود إلى كوينسكي للقاء الرئيس فرانكلين روزفلت كان معه رصيده كزعيم استعاد ملك آبائه وأجداده وأسّس دولته الثالثة، ومعه حمايته للممرات المائية حول الجزيرة العربية التي كانت القوى المتصارعة تحاول الاستيلاء عليها خلال الحرب العالمية الثانية، ومعه الحرمان الشريفان بمكانتهما العظيمة في وجدان المسلمين، وبين يديه حقول من النفط قُدِّرَ لها أن تشكّل اقتصاد ما بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية حتى اليوم.
كانت أمريكا في حاجة للقاء الزعيم الجديد في الشرق الأوسط «عبدالعزيز آل سعود» أكثر من حاجته إليها، كانت تريد التعرّف على الزعيم الذي لفت أنظار العالم إلى بلاده وجعلها أول دولة تلتقي بها القوى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية.
بالتأكيد لن تكون زيارة الأمير محمد بن سلمان عابرة، فاليوم يتشكّل عالم دولي جديد على خلفية حرب تكاد تكون عالمية بين الغرب وروسيا على الأراضي الأوكرانية، وسيولة هائلة في منطقة الشرق الأوسط، وطموح لقوى جديدة تريد أن تكون قوة عالمية جديدة.
السعوديون يقدّمون إلى واشنطن ومعهم زعيم شاب استطاع وضع بصمة بلاده في الاقتصاد والسياسة الدولية، بانياً رؤية اقتصادية لافتة، ومشاريع تنموية ضخمة، وصندوق استثمارات يعد من محركات الاقتصاد الدولي، ورصيداً موثوقاً في الحفاظ على إمدادات طاقة آمنة ومستدامة، كذلك زعامة إسلامية تقليدية ودائمة، ودور سياسي عاقل ومتزن في إدارة العلاقة مع القوى المتصارعة في الشرق الأوسط والعالم. ولعلنا نتذكر هنا أهم ما أسفرت عنه قمة (عبد العزيز – روزفلت 1945):
1- تحظى العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية باهتمام كامل.
2- يتعاون البلدان في كل المجالات بما يحقّق مصالحهما.
3- التزام أمريكي حول القضية الفلسطينية، ألَّا يتأثر موقفها من الحقوق المشروعة للعرب في فلسطين.
ولكل ذلك يمكن توقع ما ستسفر عنه قمة (محمد بن سلمان – دونالد ترمب 2025)، التي يمكن تلخيصها في (علاقة مستدامة وتحالف دائم)، في ظل صراعات وسيولة أمنية تحيط بإقليم الشرق الأوسط من جنوب السودان صعوداً إلى شمال سوريا، ومن غرب ليبيا إلى شرق أفغانستان.
فالسعوديون يصلون واشنطن وهم يستندون على إرث سياسي غير ملوث بالأجندات ولا الانخراط في المؤامرات ضد الشعوب والدول، فقد وصف الملك فيصل بن عبدالعزيز سياسة بلاده: «نحن أصفى من العسل الصافي لمن أراد صداقتنا.. ونحن السُّم الزعاف لمن أراد أن يعكر صفونا».
كما وصف الأمير بندر بن سلطان علاقة بلاده مع واشنطن، وهو المسؤول الدبلوماسي الذي قضى أكثر من عقدين في واشنطن سفيراً: «إن كثيراً من الرؤساء الأمريكان يصدمون بعد وصولهم إلى البيت الأبيض بأن السعوديين صادقون في مواقفهم يقولون في العلن ما يقولونه في السر».

