قال السفير الأوكراني لدى ألمانيا، أوليكسي ماكييف، إن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية اعترضت بنجاح صواريخ باليستية روسية قصيرة المدى، باستخدام نظام الدفاع الجوي الصاروخي الألماني الصنع IRIS-T SLM في عدة حالات موثقة.
ويمثل هذا الإعلان أول تأكيد علني على قدرة النظام الألماني على مواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية في القتال المباشر، ما يعزز فاعليته متعددة المهام في ظروف ساحة المعركة الشديدة، وفقاً لموقع Army Recognition.
ومنذ فبراير 2022، سلمت ألمانيا سبعة أنظمة دفاع جوي من طراز IRIS-T SLM إلى أوكرانيا، في إطار برنامجها للمساعدة العسكرية لتعزيز الدفاع الجوي متعدد الطبقات للبلاد ضد الهجمات الصاروخية والجوية الروسية المستمرة.
ونُشرت هذه الأنظمة لحماية الأصول الاستراتيجية والمراكز الحضرية والبنية التحتية للطاقة من مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك صواريخ كروز والطائرات المسيرة، وضربات الصواريخ الباليستية.
وتختلف الصواريخ الباليستية اختلافاً جوهرياً عن التهديدات الجوية الأخرى، مثل صواريخ كروز والطائرات والطائرات المسيرة، فهي تتبع مساراً شبه مداري عالي القوس بعد إطلاقها من الأرض أو الجو، ثم تعود إلى الغلاف الجوي بسرعات عالية جداً، غالباً ما تتجاوز عدة كيلومترات في الثانية، ويجعل هذا اعتراضها صعباً للغاية، إذ تسمح سرعتها وارتفاعها وفترة طيرانها القصيرة بوقت استجابة قصير.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مسارها النهائي غير المتوقع، واحتمالية استخدامها لأدوات التضليل أو مركبات إعادة الدخول القابلة للمناورة، تُعقّد عملية الاعتراض.
وعلى عكس صواريخ كروز التي تحلق على ارتفاعات منخفضة وأكثر قابلية للتنبؤ، تتطلب الصواريخ الباليستية تتبعاً رادارياً متقدماً، وحوسبة عالية السرعة، وصواريخ اعتراضية قادرة على الإطلاق العمودي السريع وقدرة مناورة فائقة.
نظام IRIS-T الألماني
نظام IRIS-T SLM، الذي طورته شركة Diehl Defense الألمانية، هو نظام دفاع جوي متوسط المدى متطور للغاية، مصمم لمواجهة طيف واسع من التهديدات، بما في ذلك الطائرات المقاتلة والمروحيات وصواريخ كروز والطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة والصواريخ الباليستية قصيرة المدى.
ويتضمن كل نظام قاذفاً رأسياً، ورادار TRML-4D النشط الممسوح إلكترونياً الذي طورته شركة Hensoldt، ومركز قيادة وتحكم قادر على الاندماج في شبكات الدفاع الجوي الأوسع نطاقاً والمتوافقة مع معايير حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وتتميز صواريخ IRIS-T نفسها بتوجيه موجه بالأشعة تحت الحمراء وتحكماً في المدفع، ما يوفر مرونة استثنائية واحتمالية إصابة عالية للهدف.
ويوفر النظام مدى اشتباك يصل إلى 40 كيلومتراً وارتفاعات تصل إلى حوالي 20 كيلومتراً، وتجعل سرعة رد فعله، وتغطيته الشاملة، وقدرته على الاشتباك المتزامن مع أهداف متعددة، النظام فعالاً بشكل خاص ضد الهجمات المكثفة والأهداف عالية السرعة.
وأبرزت تقارير عسكرية أوكرانية سابقة نجاح النظام في اعتراض صواريخ كروز وطائرات مسيرة بفعالية شبه مثالية.
وفي إحدى الحالات المؤكدة، قامت بطارية IRIS-T SLM بتحييد ثمانية صواريخ كروز باستخدام ثمانية صواريخ اعتراضية في أقل من 30 ثانية، ويعزز تأكيد عمليات الاعتراض الناجحة للصواريخ الباليستية الروسية بشكل كبير الأهمية الاستراتيجية لنظام IRIS-T للدفاع الصاروخي.
“نقلة نوعية”
وبينما أعلنت شركة Diehl Defense أن النظام قادر تقنياً على التصدي للصواريخ الباليستية التكتيكية قصيرة المدى، فإن التحقق من صحتها في المعارك الفعلية يؤكد هذا الادعاء.
ويضع هذا “الإنجاز” نظام IRIS-T للدفاع الصاروخي ضمن فئة مختارة من الأنظمة متوسطة المدى القادرة على مواجهة التهديدات الجوية التقليدية، بالإضافة إلى تحديات الصواريخ الباليستية، وهي قدرات ترتبط عادة بمنصات أكثر تعقيداً وتكلفة مثل نظام Patriot الأميركي PAC-3 أو نظام مقلاع داود الإسرائيلي.
وتُمثل قدرة أوكرانيا على تحييد تهديدات الصواريخ الباليستية باستخدام نظام IRIS-T SLM “نقلة نوعية” في أداء الدفاع الجوي الأوروبي.
وبينما يُراعي الشركاء الغربيون مشهد التهديدات المتغير، من المرجح أن تُؤثر فعالية النظام المُثبتة ضد أحد أصعب التهديدات الجوية على قرارات الشراء المستقبلية، وأن تدعم اعتماده على نطاق أوسع ضمن أطر حلف الناتو.
ومن خلال إظهار قدرته على مواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية عالية السرعة، رفع نظام الصواريخ الدفاعية الجوية IRIS-T SLM المصنوع في ألمانيا مكانته التشغيلية، وأظهر أن تكنولوجيا الدفاع الأوروبية يمكن أن توفر حلولاً قوية تم اختبارها في ساحة المعركة لبعض أصعب التحديات في الحرب الحديثة.
