انتقادات متصاعدة لداعية مصري هاجم «المتحف الكبير»
أخلت السلطات المصرية سبيل الداعية مصطفى العدوي، بعد ساعات من احتجازه والتحقيق معه، وذلك مقابل كفالة مالية بلغت 10 آلاف جنيه مصري (نحو 211 دولاراً)، حسب محامين.
وجاء الإجراء عقب تصريحات أدلى بها العدوي في مقطع مصور انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقد فيها المتحف المصري الكبير، واصفاً ما يحتويه من آثار فرعونية بأنها أصنام لا ينبغي التفاخر بها.
وشهدت مصر، السبت الماضي، احتفالاً رسمياً بافتتاح المتحف، حضره عدد من كبار الشخصيات ووفود من 79 دولة، بينهم ملوك ورؤساء وقادة 39 دولة.
وقال الداعية المصري في الفيديو: «المتحف الكبير جمعوا فيه بعض أصنام وتماثيل الفراعنة، وبعض كنوز الفراعنة وطرق التحنيط». ورغم إشادته بتقدم الفراعنة العلمي في تحنيط الجثث، فإنه قال «لا نفتخر بهم كثيراً، ونبرأ من فرعون ومن أتباعه».
وخاطب العدوي المصريين قائلاً: «يا أهل مصر إذا كنتم تصنعون متحفاً يجمع آثار فرعون فليدخل الداخل على سبيل الادكار والاتعاظ لا على سبيل الافتخار بكفرة»، مضيفاً: «أخشى على شخص مسلم أن يتلوث قلبه بمحبة فرعون وآله». واختتم الداعية رسالته للمصريين قائلا: «حري بكم أن تتبرأوا من شخص فرعون».

وألقت أجهزة الأمن المصرية القبض على الداعية في محافظة الدقهلية (دلتا مصر)، مساء الاثنين، ما دعا متابعين إلى الربط بين توقيفه وما تضمنه مقطع الفيديو من تصريحات. واتخذت النيابة قرارها في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء بإخلاء سبيله، وفق ما أعلن عنه نجلاه ومحاميه خالد المصري عبر حساباتهم على موقع «فيسبوك».
ورغم قرار إخلاء السبيل، فإن انتقادات متصاعدة لاحقت الداعية المصري من قِبل إعلاميين ونشطاء، وأثارت تصريحاته جدلاً واسعاً بين رواد منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما قفز باسمه إلى صدارة قائمة «الترند» في البلاد.
يعني حضارة مصر في حقبة قرابة170ملك من ضمنهم فرعون-تسيب الدنيا كلها وتمسك في فرعون وتخليه مادة دسمه للهجوم علي تاريخ وحضارة الدولة المصرية-تحكم علي الناس بالجهل وتغير معنى الوثن وتربطه بكل حجر-هذا جهل(الاوثان لم تكن احجار)الاوثان كانت بشر صالحين قدسوهم قومهم ولما طمس العلم عبدوهم. https://t.co/b9X2vzuTGN
— إبراهيم العروى المصري (@IM5802427) November 3, 2025
وعدّ المنتقدون تصريحات الداعية تحقيراً للتراث المصري، وتجاهلاً لقيمة الآثار كهوية ثقافية.
وانتقد المدون والإعلامي لؤي الخطيب تصريحات الداعية، عبر عدة تغريدات عبر حسابه على منصة «إكس»، أوضح فيها أن التصريحات تنم عن مشكلة مركّبة؛ لا تكمن في شخص واحد، وإنما هي نتاج تيار فكري يرتكز على الجهل التاريخي وغياب العقلانية، ويسعى هذا التيار إلى فرض الوصاية على خيارات الناس العقائدية.
كما أوضح أن من يرى في افتتاح المتحف المصري الكبير احتفاء بـ«فرعون وآله» يحتاج لأن يراجع عقيدته، مطالباً الدولة بفرض عقوبة رادعة على مروجي مثل هذا الخطاب، كونه إحياء لأفكار سيد قطب (مُنظّر جماعة الإخوان)، التي كانت منبعاً لإنتاج كافة التيارات التكفيرية التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، وفق وصفه.
الحرب على الحضارة المصرية القديمة مش مجرد رأي متطرف، ولكن تطبيق حرفي لتعاليم سيد قطب عن العزلة الشعورية، فالموضوع مش بسيط خالص..التلطيش والتلويش في الحضارة المصرية القديمة، بدأ بالتوازي مع تلطيش وتلويش في كل العادات والتقاليد والأفكار المصرية عموما، وده من ٤٠ سنة على الأقل، مع…
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) November 4, 2025
كما شن الإعلامي محمد الباز هجوماً لاذعاً على الداعية، واصفاً تصريحاته بـ«فتنة مصطفى العدوي»، مضيفاً عبر حسابه على «فيسبوك» أنه «أساء إلى الإسلام بآرائه وفتاويه المتشددة»، و«تمسك بخطاب ديني متعصب»، على حد تعبيره.
وتابع الباز أنه يتمنى أن يُحقَّق مع العدوي في كل ما قاله خلال السنوات الماضية: «من ترهات وضلالات، الإسلام منها بريء، كما هو بريء من صاحبها»، حسب روايته.
وليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها الداعية العدوي الجدل، حيث سبق أن تعرض لانتقادات بسبب مواقفه من قضايا اجتماعية ودينية، منها مطالبة المصريين بالنزول للصلاة في المساجد أو في الشارع جماعة ورفض قرار وزارة الأوقاف المصرية بوقف الصلاة في المساجد أثناء تفشي وباء «كوفيد 19» عام 2020.
وفي العام نفسه أثار الجدل بتسجيل مصّور دعا فيه إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، ووصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ«المجرم»، على خلفية الإساءة للإسلام، وهو ما دعا السلطات المصرية لتوقيفه، ثم أخلت سبيله بعد ساعات.
كما قُدمت بلاغات سابقة ضد الداعية العدوي للنائب العام المصري بشأن إصداره فتاوى تحريضية، ونشر الفكر المتطرف.
إلى ذلك، شهدت منصات التواصل الاجتماعي ردود فعل متباينة تجاه تصريحات الداعية، حيث عبّر عدد من الرواد عن استيائهم من التصريحات، التي تزامنت مع احتفالهم بافتتاح المصري الكبير، رافضين التقليل من شأنه ومن شأن الحضارة المصرية.
وأكد البعض أن الآثار المصرية ليست محل عبادة، وليست وسيلة للتقرب من الله، وإنما هي مُنجز حضاري وتراث قومي، مثل أي دولة تملك آثاراً.
عقيدة ايه هوا فيه حد حاليا في مصر بيعبد الاصنام و انا معرفش و لا ايه https://t.co/vm9HDrBsaB
— Ahmed*️⃣ (@El7wafreet111) November 4, 2025
في المقابل، شهدت المنصات دفاعاً من أنصار العدوي عن موقفه، باعتباره تعبيراً عن قناعات دينية، وتداول عدد منهم إخلاء سبيل الداعية، بينما أشار البعض إلى إغلاق حسابات الداعية على منصات التواصل.
بينما رفض فريق ثالث القبض على الداعية، مطالبين باحترام حرية التعبير، حتى وإن كانت الآراء مثيرة للجدل.

