العراقيون يصوتون غداً لاختيار ممثليهم في البرلمان
يتوجه العراقيون، الثلاثاء، بمن فيهم المواطنون الكرد بإقليم كردستان، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في البرلمان الاتحادي بدورته السادسة.
ورغم الخطط الأمنية التي وضعتها الأجهزة المختصة لحماية الناخبين ومراكز الاقتراع، فإن الإجراءات تتخذ هذه المرة مساراً «مخففاً»، مقارنة بدورات سابقة كانت المراكز والناخبون يتعرضون خلالها لهجمات إرهابية بأحزمة ناسفة وقذائف «هاون».
ودفعت حالة الأمن النسبي، التي تحققت خلال الأعوام الأخيرة، السلطات العراقية إلى عدم فرض حظر تجوال على المركبات يوم الاقتراع.
وأعلنت «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» أن نسبة المشاركة في «التصويت الخاص»، الذي جرى الأحد، بلغت 82.42 في المائة. غير أن محللين يتوقعون تراجع النسبة إلى أقل من 40 في المائة بالاقتراع العام، مقارنة بالانتخابات الماضية، في ضوء مقاطعة «التيار الصدري»، الذي يُعدّ صاحب القاعدة التصويتية الأوسع.
وكان زعيم «التيار»، مقتدى الصدر، قد دعا أنصاره منذ أسابيع إلى مقاطعة الانتخابات، وجدد دعوته الاثنين قائلاً: «قاطعوهم يرحمكم الله»؛ مما يعني، وفق تقديرات مراقبين، خسارة صناديق الاقتراع نحو مليون ناخب من أتباع «التيار»؛ مما قد يؤدي إلى تراجع نسبة المشاركة الإجمالية إلى أقل من 20 في المائة من الناخبين الذين حدّثوا سجلاتهم الانتخابية.

«المفوضية» جاهزة
وأكدت «المفوضية»، الاثنين، جاهزيتها الكاملة ليوم الاقتراع العام المقرر الثلاثاء. وقالت المتحدثة باسمها، جمانة الغلاي، إن عملية التصويت «ستبدأ الساعة الـ7 صباحاً. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين للتصويت العام 20 مليوناً و63 ألفاً و773 ناخباً، موزعين على 8 آلاف و703 مراكز اقتراع، و39 ألفاً و285 محطة انتخابية في عموم المحافظات».
وأضاف رئيس الفريق الإعلامي للمفوضية، عماد جميل، أن «جميع الاستعدادات اكتملت، و(المفوضية) أنهت الإجراءات الفنية واللوجيستية اللازمة لضمان سير العملية الانتخابية بسلاسة وشفافية؛ بما في ذلك توزيع المواد وتجهيز المراكز والمحطات».
وأوضح جميل أن «(المفوضية) تعمل على مدار الساعة لضمان تمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم بسهولة وفي بيئة آمنة تماماً»، داعياً إلى «مشاركة واسعة في الانتخابات؛ لإنجاح هذا الاستحقاق الوطني».
وأشار إلى أن «(المفوضية) ملتزمة تطبيق التعليمات التي تَكفُل نزاهة الاقتراع، وتواصل التنسيق مع الجهات المعنية؛ لضمان أن تكون الانتخابات محطة ديمقراطية ناجحة تعكس إرادة المواطنين».
التدخل الخارجي
ومع دخول العملية الانتخابية مرحلتها الحاسمة ووصولها إلى يوم الاقتراع الأخير، الذي يُتوقع إعلان نتائجه الأولية خلال 24 ساعة، تتجدد التكهنات بشأن شكل الحكومة المقبلة، وما إذا كان تشكيلها سيتأخر كما في الدورات السابقة، أم سيكون سريعاً بالنظر إلى «انفراد» قوى «الإطار التنسيقي» بالمشهد الانتخابي، وفق أستاذ الإعلام والمحلل السياسي غالب الدعمي.
ويرى الدعمي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة ستكون سريعة؛ لأن قوى (الإطار التنسيقي) ستكون اللاعب الرئيسي، وتحصد غالبية أصوات المكوّن الشيعي المؤهل لتشكيل الحكومة وفق العرف السياسي السائد منذ عام 2005».
لكنه ربط سرعة التشكيل بـ«عدم تدخل الجانبين الأميركي والإيراني»، قائلاً إن «(الإطاريين) سيكونون قادرين على التفاهم مع القوى السنية والكردية التي ستكون لها اشتراطات محددة لا يمانع (الإطار) في تلبيتها».
غير أن الدعمي رجّح حدوث تدخل أميركي وإيراني في مسار تشكيل الحكومة، موضحاً أن «إيران ستسعى إلى حكومة على مقاسها واختيار رئيس وزراء موالٍ لها، فيما ستدفع الولايات المتحدة باتجاه رئيس وزراء يعمل على تقليص نفوذ الفصائل المسلحة والحد من التأثير الإيراني في العراق؛ مما قد يؤدي إلى تأخير حسم ملف الحكومة على حساب الداخل العراقي».
الأوزان السياسية
يعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل، فراس إلياس، أن تشكيل الحكومة الجديدة «سيرتبط بدرجة كبيرة بطبيعة الأوزان الانتخابية، فكلما كانت واضحة، ومعادلات التفاهم السياسي محسومة، تسارع تشكيل الحكومة ضمن المُدد الدستورية».
وأضاف إلياس، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن «التوافقات الإقليمية والدولية بشأن شخصية رئيس الوزراء المقبل ستكون حاسمة في المفاوضات بين القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية».
وأشار إلى أن «الاحتمال الأقوى هو بقاء رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لولاية ثانية؛ نظراً إلى مؤشرات الدعم المحلي والعربي والأميركي له»، لكنه لم يستبعد أن «تؤثر التغيّرات الإقليمية، خصوصاً في إيران ووضع حلفائها في المنطقة، في سرعة أو تأخر حسم ملف تشكيل الحكومة المقبلة».

