رغم المرارة والغصّة، شكّل العزم والإصرار جوهر جولة وحديث النجم سامر المصري في موقع تصوير مسلسل “النويلاتي” الذي التهمته النيران الغادرة.
وقف الممثل السوري بصلابة أمام ما كان يوماً “مشغل إبراهيم باشا”، المكان الرئيسي في العمل، ليقول بصوتٍ يغلّفه الأسى المكسور بالأمل: “يا خسارة… هادا المشغل اللي كنا نفيق كل يوم وجه الصبح ونجي نعمل فيه مشاهد حلوة. هون كان في نولات من أعرق المهن بسوريا: النويلاتية وشغلن البروكار، والدامسكو المشهور عالمياً. كان في هون أكتر من نول عمرهن فوق المئة سنة… احترقوا بأرضن”.
وصف المصري المشغل بتحفة مصغّرة لدمشق القديمة: جدران تكسوها حِرفة البروكار، وأدوات نسج مضت عليها عقود طويلة من التاريخ، وتفاصيل أُعيد بناؤها بدقّة ليحمل العمل روحه التراثية الأصيلة. كل تلك العناصر تحوّلت خلال دقائق إلى رماد.
ولكن حضور الفنان السوري أمام الركام لم يكن بكاءً على أطلال، بل إعلاناً صريحاً عن إرادة لا تنكسر، إذ بينما كانت الكاميرا ترصد خطواته بين الحجارة السوداء وبقايا الأخشاب، تابع المصري قائلاً: “بس ما علينا… الشباب عم يشتغلوا، ورح يرجعوا أحسن إن شاء الله. قدّر الله وما شاء فعل”.
عباراته ليست مجرد مواساة، بل شهادة واضحة على روح الفريق الذي قرر أن يحوّل الخسارة إلى نقطة انطلاق جديدة. فالحريق، رغم فداحته، لم يطفئ شغف صُنّاع “النويلاتي” ولا رغبتهم في إكمال العمل الذي يحمل جزءاً من هوية دمشق وتراثها العريق.
وبين ألسنة اللّهب التي التهمت المشهد القديم، برز إصرار الشركة المنتجة “غولدن لاين” على إعادة البناء، واستعادة المكان بحرفيّته وروحه، والمضيّ قُدماً في التصوير، في رحلة تعكس قدرة الدراما السورية على النهوض من محنها: “ما احترق سيُبنى من جديد، وما تهدّم ستعيده الإرادة… أجمل مما كان”.
حريق “النويلاتي”
يُذكر أن موقع تصوير “النويلاتي” تعرّض لحريق ضخم ومفتعل، أتى على الديكور بأكمله، من الأزقّة الضيّقة والبيوت التراثية والمباني الضخمة، بالإضافة إلى معدّات تقنية وفنية، بخسارة مادية فاقت المليون ونصف المليون دولار أميركي.
وأكّدت الشركة المنتجة في بيان أنه “رغم حجم الضرر والمعوّقات الكبيرة والخسارة المادية التي فاقت المليون ونصف المليون دولار أميركي، تؤكد الشركة إصرارها على استكمال العمل، وإعادة بناء الموقع من جديد، ومتابعة إنتاج المسلسل كما كان مُخططاً له، من دون أي مساومة على الجودة أو الرؤية الفنية”.
وتدور أحداث “النويلاتي” في رحلة بين الحرير والأساطير، حيث يلتقي التاريخ بالخيال، وأبرز نجوم الدراما السورية، في قصة غير مسبوقة مليئة بالإثارة والتشويق، تتشابك فيها الحكايات وتتكشّف الأسرار على أيدي أبدع من أنجبتهم الأرض من حِرفيين وصُنّاع في عالم من الجمال والفن…
شارك

