على الرغم من الأنباء «المتفائلة» عن لقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، والآمال بأن يتوج باتفاق لوقف النار، يظهر الكثير من الإسرائيليين شكوكاً في النوايا الحقيقية لقيادتهم، ويواصلون المطالبة بوقف الحرب والاتفاق حول إطلاق المحتجزين لدى «حماس».
وأعلن حاخام يهودي الإضراب عن الطعام «لأن المظاهرات الشعبية لا تنجح في التأثير على الحكومة»، كما توجه مجموعة من الضباط والجنود إلى المحكمة يطلبون الإعلان عن أن الحرب على غزة غير شرعية.
وأعلن رجل الدين اليهودي أفيدان فريدمان، الإضراب عن الطعام لخمسين ساعة، سوية مع مواطن آخر من الجليل، مطالبين بصفقة شاملة؛ «كل المحتجزين مقابل وقف الحرب»، وأحضر الرجلان قفصاً كبيراً يقيمان فيه رافضين حتى شرب الماء.
والحاخام فريدمان هو مستوطن في مستعمرة أفرات قرب رام الله. وكان من مؤيدي الحرب على غزة وقاد عدة مظاهرات احتجاجاً على إدخال مساعدات للفلسطينيين.
لكنه أحدث انعطافاً في موقفه، بعدما قتل ستة محتجزين إسرائيليين خلال هجوم إسرائيلي على رفح، في شهر أغسطس (آب) الماضي. وانضم إلى حملة الاحتجاج ضد الحرب.
جنود معترضون
ومن جهة ثانية، قدم ثلاثة جنود إسرائيليين في قوات الاحتياط التماساً إلى المحكمة العليا، طالبوا من خلاله بمعرفة ما إذا كانت أهداف عملية «عربات جدعون» العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة مناقضة للقانون الدولي لأنها تهدف إلى نقل قسري وطرد سكان القطاع.
وأشار الجنود في الالتماس إلى أن الإخلاء القسري والدائم للسكان الفلسطينيين في قطاع غزة، الذي تعلن الحكومة الإسرائيلية أنه أحد أهداف الحرب، هو أمر عسكري غير قانوني ويتناقض مع القانون الدولي «وقيم روح الجيش الإسرائيلي».
واقتبس الالتماس إعلان وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، الذي قال فيه إنه أوعز للجيش بالسيطرة على مناطق أخرى في القطاع وإخلاء سكانها، وأنه «كلما استمرت (حماس) في رفضها تحرير مخطوفين ستفقد المزيد من المناطق».
كما ذكروا ما جاء في محادثة بين نتنياهو ورئيس أركان الجيش، إيال زامير، قال فيها نتنياهو إن «البديل لخطة الإخلاء إلى الجنوب هو دهس القطاع واحتلال كل شيء. وهذا يعني قتل المخطوفين، وأنا لا أريد ولا أوافق على هذا».
وأكدوا أنه تبين من الأمر العسكري لعملية «عربات جدعون» الذي تم تسليمه لضباط في الجيش، قبل نحو شهرين، أن تحرير الأسرى الإسرائيليين هو الهدف الأخير لهذه العملية العسكرية، وأن الهدف الخامس الذي وُصف هو «تركيز وتحريك السكان»، وقبل ذلك «هزيمة حماس» و«سيطرة عسكرية على المنطقة» و«نزع السلاح في المنطقة» و«استهداف أهداف حكم (حماس)».
وأوضحوا أن قسماً من الضباط فوجئوا عندما اكتشفوا أن الجيش الإسرائيلي قرر استبدال كلمة «مخطوفين» بـ«رهائن». لذلك طلبوا من المحكمة أن تُلزم وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش بأن يوضحا بشكل فوري أهداف الحرب الدقيقة، ومن خلال التعهد بأنها لا تشمل التخلي عن المخطوفين أو طرد سكان.
وقد حث القاضي في المحكمة العليا، خالد كبوب، الجيش الإسرائيلي على الرد على الملتمسين بهدف إعفاء المحكمة من النظر في الالتماس.
لا تفوت فرصة لقاء ترمب
ونشرت صحف عبرية، الاثنين، العديد من المقالات التي يطالب فيها الكتاب والخبراء بألا يفوّت نتنياهو فرصة اللقاء مع ترمب لإنجاز اتفاق لوقف الحرب يضمن عودة المحتجزين الإسرائيليين جميعاً سالمين.
وكتب رفيف دروكر، في «هآرتس»، أن «نتنياهو كان ولا يزال يرى في حركة (حماس) ذُخراً لسياسته في التهرب من تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني». وكشف عن نقاش جري قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في الكابينت حول الوضع في الضفة الغربية، وقد صدم يومها رئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي عندما قال وزير المالية سموتريتش إنه «يُفضل (حماس) على السلطة الفلسطينية»… فسأله: «هل حقاً إنكم تؤمنون بأنه من الأفضل لنا أن تسيطر (حماس) في يهودا والسامرة؟»، فأجابه: «نعم. حماس هي ذخر». فتابع هليفي المذهول مما يسمع: «هل أنت تسمع ما تقوله؟ السلطة الفلسطينية تعيد كل أسبوع مواطناً إسرائيلياً ضل الطريق في المدن الفلسطينية. كل حادثة كهذه كان يمكن أن تنتهي بعملية قتل إسرائيلي».
ويضيف دروكر: «هليفي لم يقنع الوزراء. سموتريتش وبنيامين نتنياهو أيضاً لا يمكن إقناعهما. فبالنسبة لهما السلطة هي الشيء الأسوأ في العالم، ليس بسبب الفساد وعدم الديمقراطية، هذا لا يهمهما؛ هما غير مستعدين للسماع عن السلطة لأنه في العواصم المهمة في العالم ما زالت السلطة تعتبر شريكة في المفاوضات وقيادة شرعية ومعتدلة للشعب الفلسطيني. فهذه هي قضيتهما الأساسية أيضاً في غزة».
ورأى أن «نتنياهو أفشل أي احتمالية أخرى، فهو والحكومة يفضلون العشائر، بما في ذلك العشائر التي يديرها مجرمون، على تدخل السلطة. يفضلون الفوضى، يفضلون (حماس)، فقط ألا تكون السلطة».