رحب حقوقيون وبرلمانيون مصريون بقرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العفو عن عدد من المحكومين، بينهم الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، مؤكدين أن تلك الخطوة «تفتح الباب نحو مزيد من الإفراجات لمحبوسين في قضايا رأي».
وأعلنت وسائل إعلام رسمية مصرية، الاثنين، قراراً للرئيس عبد الفتاح السيسي بالعفو عن «باقي مدة العقوبة المقضي بها على عدد من المحكوم عليهم، بعد اتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية في هذا الشأن».
ويضم قرار العفو 6 أشخاص، بينهم علاء عبد الفتاح، الذي يحمل كذلك الجنسية البريطانية، إلى جانب «سعيد مجلي، وكرم عبد السميع، وولاء جمال، ومحمد عبد الخالق، ومنصور عبد الجابر».
وصدر حكم قضائي على عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة الانضمام إلى جماعة أُنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها. وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط السياسي الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.
ويأتي التفاعل الإيجابي مع قرار العفو الرئاسي عن عبد الفتاح، بعد سجنه فترة طويلة، وإعلان والدته إضراباً متكرراً عن الطعام، ما أثار مناشدات حقوقية مصرية ودولية للإفراج عنه.
وأشارت وسائل الإعلام المصرية إلى أن قرار العفو الرئاسي «جاء استجابة لمناشدة المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر.
وكان الرئيس المصري وجه في بداية شهر سبتمبر (أيلول)، الجهات المعنية، بدراسة الالتماس المقدم من المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن إصدار عفو رئاسي عن عدد من المحكوم عليهم، بأحكام قضائية نهائية.
ولاقى قرار العفو تفاعلاً على منصات التواصل الاجتماعي، واعتبرت الإعلامية المصرية لميس الحديدي قرار الإفراج عنه، إلى جانب توجيه الرئيس المصري بإعادة مناقشة مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» في البرلمان، «خطوات مهمة»، وقالت عبر حسابها على منصة «إكس»: «نتمنى أن تتبعها خطوات أخرى للعفو عن كل المحبوسين في قضايا رأي».
ورأي الإعلامي لؤي الخطيب قرار العفو عن علاء عبد الفتاح يأتي في إطار «تطورات إيجابية مع بريطانيا خلال الأيام الأخيرة، بينها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتصعيد الضغوط على إسرائيل في ملف التهجير، والإفراج عن الناشط المصري أحمد عبد القادر أخيراً استجابة لطلب القاهرة».
فخامة الرئيس السيسي استخدم حقه الدستوري في العفو عن المواطن البريطاني علاء عبد الفتاح، ودي طبعا فرصة جديدة ياريت علاء يستخدمها لما يطلع، لكن كمان ده جي في سياق تطورات إيجابية مع بريطانيا خلال الايام الأخيرة، سواء الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتصعيد الضغوط على إسرائيل في ملف…
— Loay Alkhteeb (@LoayAlkhteeb) September 22, 2025
وفي نهاية الشهر الماضي، أفرجت السلطات البريطانية عن رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج»، أحمد عبد القادر (ميدو)، بعد توقيفه ساعات على خلفية اشتباكه مع محتجين أمام السفارة المصرية في لندن، إثر اتصال جرى بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول.
ورغم إفراج السلطات البريطانية عن عبد القادر، فإنها حددت يوم 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل موعداً لنظر أولى جلسات محاكمته.
وحصل عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال فترة حبسه، وأُثيرت قضيته عدة مرات بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين.
ويشكل قرار العفو الرئاسي الأخير عن عدد من المحكوم عليهم «رسالة إنسانية إيجابية»، وفق تقدير عضو لجنة «العفو الرئاسي»، المحامي طارق العوضي، الذي قال إن تلك الخطوة «تؤكد قدرة الحكومة المصرية على طيّ صفحات الخلاف وإعلاء قيمة التسامح».
ويعزز القرار «الثقة في أن باب المراجعة وتصحيح الأوضاع مفتوح دائماً»، وفق العوضي، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» لأن «تتبع تلك الخطوة إجراءات أخرى للعفو على مزيد من الشباب المحبوسين، بما يمهد الطريق لمصالحة مجتمعية».
وأعاد الرئيس المصري تشكيل «لجنة العفو الرئاسي» في أبريل (نيسان) 2022 لمراجعة ملفات عشرات من المحبوسين، حيث توالت قرارات العفو الرئاسي عن أعداد من المحتجزين على دفعات خلال الفترة الأخيرة.
وعدّ العوضي أن «كل سجناء الرأي الذين لم يرتكبوا أعمال عنف يستحقون العفو الرئاسي».
ولم يختلف في ذلك عضو مجلس النواب المصري ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي، فريدي البياضي، ودعا إلى ضرورة «أن يشكل العفو الرئاسي الأخير بداية مرحلة جديدة، تُفتح فيها مساحات أوسع للحريات، ويتسع فيها المجال السياسي»، وطالب بـ«مواصلة الجهود الحكومية للإفراج عن جميع المحبوسين على خلفية قضايا رأي، بما يساهم في توحيد الصف الوطني لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية».
وينظر البياضي لقرار العفو عن علاء عبد الفتاح بعدّه «رسالة إيجابية لصورة مصر في الداخل والخارج»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التحديات الإقليمية تفرض اصطفافاً وطنياً داخلياً، وهو ما يجب أن يستدعي إتاحة الحكومة مساحات أكبر للحريات، بما ينعكس إيجابياً على الاستقرار المجتمعي».
وأشاد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، بقرار الرئيس المصري العفو عن عدد من المحبوسين، وقال في إفادة له الاثنين إن تلك الخطوة «تمثل رسالة مهمة، تعزز الثقة في جدية الحكومة المصرية تجاه الانفتاح السياسي»، وأشار إلى أن «مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن والاستقرار من جهة، وضمان الحريات العامة وحقوق المواطنين من جهة أخرى».
ويتكامل إجراء العفو الأخير مع إجراءات أخرى اتخذها السيسي لتعزيز مسار الحريات العامة، وفق رضوان، وقال إنها تأتي في إطار «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021 – 2026)، وتفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي، وإطلاق سراح أعداد متزايدة من المحبوسين في قضايا مختلفة».