
كتب محمد خليفة ففي صحيفة الخليج.
مفهوم العدالة يشمل الحق والإنصاف وتعني العدالة تطبيق القيم والمبادئ الأخلاقية وإلى جوار العدل الإحسان، فكل عمل طيب إحسان، والأمر بالإحسان يشمل محيط الحياة كلها في علاقات الإنسان بوطنه وعلاقاته بالجماعة وعلاقاته بالبشرية جميعاً.
تحقيقاً لهذا المبدأ رسَّخت دولة الإمارات العربية المتحدة قيم العدالة والإحسان والانفتاح على الآخر، انطلاقاً من تاريخ طويل عاشه شعبها بالتواصل مع شعوب أخرى بعيدة وقريبة وقد أدى ذلك إلى اختفاء نزعة الأنانية والتطرف وكره الآخر لدى هذا الشعب وارتفاع نزعة التلاقي على أسس المحبة والتعاون المشترك بهدف المصلحة المتبادلة وقد عززت الحكومة الرشيدة هذا التوجه من خلال فتح أبواب الإمارات لكل باحث عن حياة أفضل من مختلف مناطق العالم، حتى أصبح في الإمارات اليوم، أكثر من 200 جنسية من ثقافات وأديان وأجناس مختلفة والكل يعمل في جهات حكومية أو خاصة من دون تمييز ويعيش النمط الحياتي الذي يناسبه من دون أن يؤدي ذلك إلى إلحاق الأذى بالآخرين.
لقد كان دستور الإمارات هو القاعدة التي أرست مبدأ سيادة القانون في الدولة وذلك من خلال الارتكاز على أن القانون يعلو على إرادات الجميع حاكمين ومحكومين وحماية الحقوق والحريات الفردية وضمان المساواة والعدالة الاجتماعية وإقامة نظام قضائي عادل ومستقل والبعد عن الاعتقال التعسفي والمعاملة المهينة وقد بدأت الحكومة الرشيدة تسعى إلى تحديث القوانين، نظراً لمعطيات الواقع الراهن، ففي عام 2014 صدر القانون الاتحادي بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية ويحدد القانون العقوبات المشددة للأفعال الإرهابية ويشمل قوانين أخرى داعمة مثل مرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2018، بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفي عام 2015 صدر قانون مكافحة التمييز في الإمارات العربية المتحدة وهو مرسوم بقانون اتحادي رقم 2 والذي أقره المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، ويهدف القانون إلى مكافحة أشكال التمييز كافة وخاصة التمييز العنصري وخطاب الكراهية وازدراء الأديان ومقدساتها.
ويجرّم القانون أي قول أو عمل يحرّض على ازدراء الأديان أو يمس بها، أو يؤدي إلى إثارة الفتنة أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات، كما يشدّد القانون العقوبات على من يخالف أحكامه ويجرِّم الأعمال التي تقوم على أفكار أو أيدولوجيات تثير الكراهية والتمييز وبما يؤدي إلى الإخلال بالنظام العام.
وتم إصدار قانون جديد معدل للشركات وأبرز ما جاء في التعديل هو تمكين الأجنبي من التملك لنسبة التمام في أي من القطاعات الاقتصادية، ما عدا الاستراتيجية منها، ومن ثم صدر تعديل جديد لقانون الشركات تضمن تحديثاً لما يزيد عن 50 مادة، ضمت قواعد حوكمة الشركات، لا سيما المساهمة منها، بالإضافة إلى قواعد جديدة لإنشاء الشركات.
كما قامت دولة الإمارات بإصدار مجموعة من التشريعات، تضمنت أكثر من 40 قانوناً وتراوحت هذه التشريعات بين قوانين منظِّمة لعلاقات العمل وأخرى تنظّم وتحمي الملكية الصناعية والعلامات التجارية وحقوق المؤلف وقانون المعاملات الإلكترونية وقوانين البيانات الشخصية، كما تم تحديث قانون العقوبات وفق معطيات الواقع الراهن. وصدر قانون الزواج المدني بمرسوم اتحادي رقم 41 لسنة 2022 في شأن الأحوال الشخصية المدني والذي يسري على غير المسلمين ويشمل عقود الزواج المدني وتوابعها مثل: الطلاق والحضانة والإرث ويتيح هذا القانون للأجانب غير المسلمين والمقيمين في الدولة تنظيم شؤونهم الأسرية مدنياً.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، ترأس صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، اجتماع مجلس الوزراء، حيث تم إقرار تطوير آليات التشريع في دولة الإمارات عبر إنشاء مكتب للذكاء التشريعي، ضمن مجلس الوزراء، يقوم بتطوير خارطة تشريعية متكاملة لكافة التشريعات الاتحادية والمحلية في الدولة وربطها عبر الذكاء الاصطناعي بكافة الأحكام القضائية والإجراءات التنفيذية والخدمات المقدمة للجمهور وسوف تتيح المنظومة الجديدة رصد أثر التشريعات الجديدة على الجمهور وعلى الاقتصاد بشكل يومي عبر التكامل مع البيانات الضخمة واقتراح التعديلات التشريعية بشكل مستمر.
ويتمتع الجهاز القضائي في دولة الإمارات بالاستقلالية التامة ولا يسمح الدستور بأي تدخل في شؤونه من أي جهة كانت ولا يوجد سلطان على القضاة أثناء أداء مهامهم سوى القانون وضمائرهم، كما تتبنى دولة الإمارات مبدأ التقاضي وفق ثلاث درجات، مما يتيح للطرف الخاسر فرصة للطعن في الحكم لدى محكمة أعلى ويتمتع كل من المواطنين والمقيمين والزائرين في الدولة بالحق في الحصول على محاكمة عادلة.
لا يشكُّ منصف في احترام دولة الإمارات حقوق الإنسان واعتبارها خطاً أحمر لا يجوز المساس به، فقد سمحت لأتباع الديانات الأخرى بإقامة دور العبادة الخاصة بهم وهناك اليوم 76 كنيسة ومعبداً لمختلف أتباع الديانات في مختلف مناطق الدولة.
إن احتفاء دولة الإمارات العربية المتحدة باليوم العالمي للقانون الذي صادف الثالث عشر سبتمبر(أيلول)، هو تأكيد من قيادتها الحكيمة على دور القانون في صون الحقوق وضمان أداء الواجبات والالتزامات، بما يسهم في حفظ العدل والمساواة وإرساء الأمن والاستقرار في المجتمع.