كتب سلطان الخلف في صحيفة الراي.
يبدو أمراً غاية في الغرابة، أن يعتلي الإرهابي نتنياهو أو «ميلكوسكي البولندي»، منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ليلقي خطاباً فيها، وكان الأجدر إلقاء القبض عليه كمجرم حرب، تلاحقه مذكرة بالقبض عليه صادرة من المحكمة الجنائية الدولية أو على الأقل منعه من إلقاء خطابه.
لكن حسناً فعلت غالبية الوفود الدولية، حيث غادر قرابة 80 في المئة منها القاعة، وتركته يلقي خطابه أمام مقاعدها، وهي رسالة واضحة تشير إلى عزلة الكيان الصهيوني، التي تتزايد يوماً بعد يوم بسبب جرائمه ضد الإنسانية، وخرقه للمواثيق الدولية.
لم يكن في خطاب الإرهابي نتنياهو أي جديد، كرّر فيه أسطوانة الأكاذيب المملة، التي ساقها بعد عملية «طوفان الأقصى» البطولية، والتي ثبت فيها أن 700 صهيوني تم قتلهم بالنيران الثقيلة للجيش الصهيوني، منهم أطفال ونساء، ولم تحدث عمليات اغتصاب، أو قطع رقاب أطفال، وهو ما أكدته وسائل الإعلام الصهيونية، التي فضحت أكاذيب نتنياهو.
حاول الإرهابي نتنياهو استعطاف الغرب والعالم بشكل سخيف، حيث اعتبر كيانه حصناً منيعاً ضد محاولات الإسلاميين الأصوليين، تهديد أمن واستقرار الغرب، وشكر صديقه الرئيس الأميركي ترامب على مشاركته في إنهاء ما تشكله إيران من تهديد نووي لكيانه وللعالم المتحضّر!
واستعرض بطولاته في مهاجمة كيانه سبع دول عربية، واعتبرها من أعظم الحروب التاريخية، دعاية لقوته العسكرية! التي لم تستطع حتى الآن حسم معركتها مع المقاومة الفلسطينية المسلحة في غزة.
كما اتهم «حماس» بأنها هي من تمنع المساعدات الإنسانية عن الفلسطينيين باستيلائها عليها، وليس كيانه، الذي يقدم المساعدات لتفادي المجاعة! وأن القتلى من المدنيين الفلسطينيين قليل وأقل من نسبة 1:2 مقارنة بالمقاتلين! علماً بأنه لا يعلم عدد القتلى من المقاتلين، وهي نسبة يكذبها الدمار الواسع الذي سببته القنابل الصهيونية الثقيلة في مباني غزة، وسقط على إثرها أعداد كبيرة من القتلى والجرحى غير المفقودين تحت الأنقاض…
وحسب آخر التقديرات أكثر من مئة ألف قتيل فلسطيني مدني، 30 في المئة منهم أطفال كما جاء في دراسة سباغات والشقاقي.
ومع ذلك، فقد وبّخ الإرهابي نتنياهو، الدول الغربية التي سمحت بتنامي معاداة السامية في بلادها، ولم تقاومه بالقدر المطلوب، وشكر ترامب الذي وقف بقوة ضد معاداة السامية! التي لم تكن سوى تظاهرات تطالب بقطع المساعدات عن كيانه الصهيوني، ووقف حرب الإبادة التي يشنها على سكان غزة.
كما هاجم الإرهابي نتنياهو في خطابه الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية واعتبرها كمن يكافئ «حماس»! وتحدى الاعتراف برفضه السماح بقيام دولة فلسطينية! وهي رسالة واضحة تعبّر عن استحالة التطبيع مع كيانه الإرهابي، رغم إنهاء خطابه ببشرى السلام، وما يحققه من ازدهار اقتصادي مع الدول العربية!
ما يثير الآشمئزاز، أن وفد الكيان الصهيوني كان يتصرف وكأنه يشاهد مسرحية بطلها الإرهابي نتنياهو، حيث غلب عليها التصفيق والتصفير له، لا تختلف عن المسرحية التي استقبل فيها بحفاوة تجاوزت الحدود، وما تخللها من تصفيق متواصل أثناء إلقائه لخطاب في الكونغرس الأميركي السنة الماضية، ما يذكّرني بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، وهو يخطب في الجمعية الشعبية العليا لبلاده!