
في ظلّ الأجواء التصعيدية التي تسيطر على الواقع اللبناني نتيجة المواقف الأميركية والاستهدافات الإسرائيلية اليومية، والتهويل بإمكانية عودة الحرب، يجري رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون مروحة من الاتصالات السياسية والدبلوماسية، في محاولة حثيثة لاحتواء التصعيد ومنع انزلاق لبنان إلى مواجهة عسكرية جديدة مع العدو الإسرائيلي.
ويحاول العماد عون الإمساك بخيوط التوازن الداخلي والخارجي، في لحظة تُعدّ من أكثر المراحل حساسية في تاريخ لبنان الحديث، ولأجل ذلك أجرى في الأيام الماضية سلسلة اتصالات مع قوى إقليمية ودولية فاعلة، بالإضافة إلى قيادات لبنانية، بهدف الضغط في اتجاه التهدئة وفتح قنوات التفاوض غير المباشر لاحتواء التصعيد.
ويرى مراقبون أن التحرك الرئاسي يحمل أكثر من بُعد، فهو من جهة محاولة لإثبات الدور السيادي للدولة اللبنانية، ومن جهة ثانية مسعى لإعادة الإمساك بالقرار الوطني في ظل تنامي المخاوف من أن يتم استدراج لبنان إلى حرب لا قرار رسمياً فيها، بل تُفرض عليه من قبل إسرائيل.
في الجوهر، يسعى رئيس الجمهورية إلى إرسال رسالة مزدوجة: الأولى إلى الداخل، مفادها أن الدولة اللبنانية ليست غائبة عن الساحة، وأنها تحاول قدر الإمكان تجنيب البلاد مزيداً من الدماء والدمار، والثانية إلى الخارج، تؤكد أن لبنان لا يريد الحرب، لكنه أيضاً ليس قادراً وحده على ضبط كل خيوط اللعبة في ظل استمرار تل أبيب في خرقها للقرار 1701 وعدم التزامها بقرار الهدنة.
وتؤكد مصادر عليمة أن الرئيس عون يعمل بصمت وتروٍّ، بعيداً عن المزايدات الإعلامية، بهدف الوصول إلى حلٍّ عملي لا يكتفي بالتمنيات، بل يسعى لتحقيق خطوات ملموسة نحو التهدئة، مشيرةً إلى أن الاتصالات لا تزال في بدايتها، لكن يُؤمل منها أن تحقق تقدماً على بعض الخطوط.
لكن السؤال الأبرز الذي يُطرح: هل تكفي الاتصالات الرئاسية وحدها لوقف قطار التصعيد، أم أن قرار الحرب خارج أيدي لبنان وبات بيد إسرائيل؟