استفاق ما بات يعرف في برلين بـ«شارع العرب» على مداهمة جديدة للقوات الخاصة استهدفت أحد مقاهيه المعروفة، حيث تم اعتقال أنور س، سوري متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في مكان قريب من المقهى. ووجَّه الادعاء الألماني العام اتهامات تتعلق بانتمائه لما يعرف في سوريا بـ«الشبيحة» (وهي مجموعات فردية موالية دعمت قوات الأمن التابعة لنظام الأسد) خلال المظاهرات السلمية التي خرجت عام 2011، وضربه متظاهرين واعتقالهم والتسبب بمقتل واحد على الأقل منهم وتعذيب آخرين.
وجاء في بيان الادعاء أن أنور س، كان «قائداً لكتيبة مسلحة موالية للنظام السوري السابق في حلب، وبين نهاية أبريل (نيسان) 2011 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2011، هاجم المتهم وكتيبته متظاهرين 8 مرات بعد صلاة الجمعة باستخدام العصي والأنابيب المعدنية أو أدوات أخرى، بقسوة شديدة، كما استخدموا الصعق الكهربائي».
صحيفة ألمانية: بعد 14 عاماً… اعتقال “شبيح” سوري في برلين بتهم قمع متظاهرين أمام مسجد في حلبنفّذ مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالية الألمانية (BKA) عملية أمنية واسعة في حي نويكولن بالعاصمة برلين، أسفرت عن اعتقال سوري يُدعى أنور س.، بتهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت… pic.twitter.com/UrdP4rIQNk
— عكس السير (@AksalserNews) September 30, 2025
وأضاف المدعي العام الألماني، أن أنور س، وكتيبته، سلموا بعض المتظاهرين إلى الشرطة أو جهاز المخابرات آنذاك، وأن منهم من تعرض للتعذيب داخل أماكن الاعتقال، في حين أصيب في إحدى المرات متظاهر بجروح بالغة من قِبل أحد عناصر الكتيبة التي كان يديرها أنور س، وتوفي لاحقاً متأثراً بجراحه.
يذكر أنها أول قضية لا تتعلق بعناصر رسمية من النظام السوري بل من «الشبيحة» المؤيدين الذين ساعدوا النظام على ارتكاب جرائمه وشاركوا فيها.
وتعتقل السلطات الألمانية منذ سنوات متهمين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا، معظمهم وصلوا إليها لاجئين. وعلى مدار السنوات، نجح محامون سوريون على رأسهم الناشط الحقوقي والمحامي أنور البني، في التعرف على المجرمين وبناء قضايا ضدهم وجمع شهود وتسليم الملفات للمدعي العام الألماني لإصدار مذكرات توقيف واعتقالهم ثم محاكمتهم.
ولا تختلف قصة أنور س، عن سابقاته؛ إذ وصل إلى ألمانيا وهو كذلك، لاجئاً في عام 2016، وسرعان ما بدأ في الاستثمار بمقهى معروف في شارع «زوننآليه» المعروف بـ«شارع العرب»، وحوله مقراً لعملياته لتبييض الأموال لصالح نظام الأسد وميليشيا «حزب الله»، حسب ما قال المحامي البني لـ«الشرق الأوسط».
الشرطة الألمانية أوضحت أن عملية الاعتقال نُفذت قرب مقهى للشيشة معروف في برلين – نويكولن، بمشاركة وحدة أمنية كبيرة. ومن المقرر أن يُعرض المتهم، الأربعاء، أمام قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية؛ لعرض لائحة الاتهام وتقرير مصير توقيفه، حسب صحيفة «فيلت» الألمانية.
ورغم أن اتهامات المدعي العام لا تتضمن حتى الآن تبييض أموال وتمويل جماعات إرهابية (حزب الله)، فإن البني أكد بأن هذه التهم ستضاف لاحقاً إلى التهمة الأساسية المتعلقة بجرائم ضد الإنسانية.
ورفع المحققون عدداً كبيراً من الأدلة من المقهى الذي تمت مداهمته صباحاً، ويعتقد البني بأن الادعاء سيعثر في تلك الأدلة على ما يؤكد اتهامات تبييض الأموال وتمويل النظام السوري السابق و«حزب الله».
وشرح البني بأن مجموعة من السوريين في ألمانيا حاولوا رفع شكوى ضده فور وصوله عام 2016، ولكن الشرطة الألمانية لم تتمكن من إبقائه قيد الاعتقال بسبب غياب الأدلة والشهود ضده. وبعد سنوات، نجح البني في جمع شهود لبناء القضية التي انتهت بمذكرة توقيف بحق الرجل.
يقول البني، إن من بين الأدلة المتوافرة شريط فيديو يظهر المتهم المعني وهو يعتدي على متظاهرين مدنيين ضرباً بالعصا، إضافة إلى 6 شهود كانوا من ضحاياه الذي تعرضوا للضرب.
ويتوقع البني أن تكون محاكمة المتهم ولتي من المفترض أن تنطلق في نوفمبر المقبل، سريعة وتنتهي في غضون 6 أشهر؛ كون عدد الشهود قليلاً.
هذا، وتبدأ قريباً أيضاً في مدينة كوبلنز الألمانية محاكمة أخرى لمتهمين بجرائم حرب في سوريا، هم خمسة فلسطينيين سوريين اعتُقلوا العام الماضي بتهم تتعلق بمشاركتهم في حصار مخيم اليرموك جنوب دمشق. وتتضمن لائحة الاتهامات الموجهة إليهم جرائم قتل ومحاولة قتل وتعذيب وحرمان من الحرية، والتواطؤ مع أجهزة استخبارات النظام السوري السابق، بين الأعوام 2011 و2014. واعتُقل في 5 يوليو (تموز) الماضي وما زالوا في القيد الاحتياطي بانتظار بدء محاكمتهم.
وفي حال أُدين المتهمون الـ5 كذلك المتهم أنور الملقى القبض عليه في برلين، فهم يواجهون السجن مدى الحياة في ألمانيا.