يتحرك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، نحو اتفاق سيأخذ شكل “تفاهم سياسي عام” لحل النزاع القائم بشأن الرسوم الجمركية قبل موعد 9 يوليو الجاري، بدلاً من التوصل إلى صفقة شاملة، حسبما أفاد عدد من الدبلوماسيين ومسؤول في الاتحاد الأوروبي لشبكة Euronews.
وقال دبلوماسي أوروبي: “إذا كان من المقرر التوصل إلى اتفاق، فإن النتيجة الأكثر واقعية ستكون على الأرجح إطاراً عاماً أو اتفاقاً من حيث المبدأ، وهو أمر، نظراً لضيق الوقت، سيشبه نوع التفاهم الذي توصلت إليه الولايات المتحدة مع بريطانيا أو حتى مع الصين”.
وأضاف: “لن يكون هذا اتفاقاً تجارياً مفصلاً وشاملاً، بل بالأحرى تفاهماً سياسياً يُمهّد الطريق لترتيبات أكثر تحديداً في المستقبل”.
وذكرت شبكة Euronews، أنه “تم مناقشة الاتفاق المحتمل في اجتماع مغلق في بروكسل الإثنين، حيث قدّم مسؤولو المفوضية الأوروبية إحاطة لسفراء دول الاتحاد الأوروبي حول سير المفاوضات الجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.
وسيتضمن الاتفاق المقترح، فرض رسوم جمركية أميركية أساسية بنسبة 10%، وتقديم إعفاءات جمركية لقطاعات محددة، إلى جانب التزام أميركي “مسبق” بتخفيف الرسوم.
تفاهم سياسي بدلاً من اتفاق
ويُتوقع التوصل إلى “تفاهم سياسي مبدئي غير ملزم” قبل الموعد النهائي المحدد في 8 يوليو من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والذي ينص على إبرام اتفاق أو مواجهة “رسوم قائمة على أساس المعاملة بالمثل” بنسبة 50%.
ولكن لا تزال هناك العديد من التفاصيل التي تحتاج إلى تسوية خلال الأيام القليلة المتبقية، حسبما أكد الدبلوماسيون بعد تلقيهم إحاطة، الاثنين، من كبار مسؤولي المفوضية الأوروبية، بيورن سيبرت، وسابين فايند.
وحتى إذا تم التوصل إلى “اتفاق مبدئي”، فمن المتوقع أن تظل العديد من التفاصيل والخلافات دون حل بعد انقضاء المهلة المحددة، وفق “بوليتيكو”.
مطالبات بالتزام مسبق
وتسعى بروكسل، بحسب الدبلوماسيين، إلى انتزاع التزام أميركي بتقديم إعفاءات جمركية “مسبقة” بالتزامن مع التوصل إلى الاتفاق المبدئي. ويشبه ذلك اتفاقاً كانت قد أبرمته بريطانيا مع واشنطن، حصلت بموجبه على إعفاءات جمركية على صادرات السيارات والصلب، مع استمرار المفاوضات بشأن اتفاق شامل.
وأبلغت عدة دول أوروبية المفوضية، بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق من أي نوع دون تقديم مثل هذه الإعفاءات. ما يعني أن الولايات المتحدة سيتعين عليها تقديم تنازلات إذا أرادت من الاتحاد الأوروبي قبول رسوم جمركية أساسية بنسبة 10%.
ومن المقرر أن يتوجه مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، ماروش شيفتشوفيتش، إلى واشنطن، الخميس، لإجراء جولة حاسمة من المحادثات مع الممثل التجاري الأميركي، جيميسون جرير، على أن يقدم إحاطة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن نتائجها في اليوم التالي.
ويُتوقع أن يلمح شيفتشوفيتش، خلال هذه الجولة التي قد تكون حاسمة، إلى أن الاتحاد الأوروبي، لا يزال يأمل في خفض نسبة الرسوم الأساسية البالغة 10%، والتي فرضها ترمب في أبريل على معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة.
ومع ذلك، قال الدبلوماسيون، الذين تحدثوا بشرط عدم كشف هوياتهم بسبب سرية المحادثات، إن الاتحاد الأوروبي قد يُبدي استعداده لقبول نسبة الـ10% في ظل شروط معينة.
كما يضغط الاتحاد الأوروبي لخفض الرسوم المفروضة على قطاعات استراتيجية، من بينها الأدوية وأشباه الموصلات والمشروبات الكحولية والطائرات التجارية، وذلك تماشياً مع مطالب المستشار الألماني فريدريش ميرتس.
لكن المفوضية ترى أن “فرص تحقق ذلك ضئيلة للغاية”، حسبما قال أحد الدبلوماسيين. إلى جانب ذلك، لا تزال بروكسل تأمل في التفاوض على خفض الرسوم الأميركية البالغة 25% على السيارات و50% على الصلب والألومنيوم.
وقال دبلوماسي آخر، إن التنازلات بشأن الصلب هي الأرجح، بينما أشار الدبلوماسي الأول إلى أن الفكرة تتمثل في “بناء حلقة حماية” تحيط بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في مواجهة فائض الإنتاج الصيني.
أربعة سيناريوهات
وينظر الاتحاد الأوروبي في 4 سيناريوهات محتملة في تعامله مع الولايات المتحدة، وفقاً لما كشفه دبلوماسيان. وأسوأ هذه السيناريوهات يتمثل في انهيار كامل للمحادثات، مما يدفع واشنطن إلى رفع الرسوم الجمركية الأساسية من 10% إلى 50%، وفرض رسوم إضافية على منتجات مثل الأدوية وأشباه الموصلات.
أما السيناريو “الأفضل قليلاً”، فيتمثل في استمرار المفاوضات خلال أشهر الصيف، مع الإبقاء على الرسوم الحالية دون تغيير.
ويُعد التوصل إلى اتفاق لوضع إطار يشمل الرسوم الجمركية والتعاون في مواجهة القوة الصناعية الصينية هو السيناريو الأفضل. ولكن حتى في هذه الحالة، يدرك الاتحاد الأوروبي أنه سيضطر لقبول بعض الإجراءات الأميركية الأحادية الجانب.
ويشكل الاتفاق من حيث المبدأ خطوة تمهيدية نحو هذا السيناريو، وقد يؤدي إلى تأجيل أي رد أوروبي محتمل، والمجمد حالياً حتى 14 يوليو، إلى مرحلة متوسطة الأجل.
وحتى الآن، تدعم دول الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ، حزمة أولى من إجراءات الرد، لكن لا تزال هناك حزمة ثانية، أكبر حجماً بكثير، قيد الدراسة.
ويرى الدبلوماسيون بشكل متزايد، أن احتمال انهيار المحادثات بالكامل بات غير مرجح، إذ أشار عدد منهم إلى أن المفاوضات ستستمر على الأرجح حتى في حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول 8 يوليو الجاري.
وتبذل دول الاتحاد الأوروبي قصارى جهدها لإظهار وحدة الصف ودعم هدف المفوضية الأوروبية بالتوصل إلى اتفاق مع ترامب، رغم تباين وجهات النظر أحياناً بشأن أفضل السبل للتعامل مع البيت الأبيض.
وتُعد برلين وروما من أبرز المؤيدين للتوصل إلى اتفاق سريع، حتى وإن تطلب ذلك تقديم تنازلات أكبر لترمب. أما دول أخرى مثل إسبانيا، فقد بدأت تشعر فعلياً بتداعيات اتخاذ موقف متشدد تجاه ترمب